قصة "زياره"
بقلم : مصطفى ضبع
http://mostfadaba-adab10.ahlamontada.net
E-mail: Mostfa.dabaa@yahoo.com
بينما هو منهمك في العمل يراقب العاملين ويعطي التوجيهات يقفز فوق الكتل الخرسانيه ويتحرك بخفة ونشاط ويوزع الإبتسامات يمينا ويسارا ظن أنه قد استطاع أن يسيطر بالفعل على الامه وهفواته القديمه , نعم ففي مثل هذا الوقت تسكن كل تلك الأشياء في مكان ما في القلب وكأنها قد انهزمت في معركة ضارية ولن تقوم لها قائمة بعد ذلك , لم يكن عادل يدري أن حرارة الشمس وسرعة العمل لم يهزموا تلك الأحاسيس التي لا تزال في الميدان . ينسحب عادل فارا من جو العمل إلى عالم ذاكرته حين يستطرق ثم يفاجأ بمن تدب في ذاكرته من جديد بعد أن كانت في طي النسيان ., ما الذي أتى بها بعد أن أقنع قلبه أنها هفوة ذهبت مع رياح الماضي , لماذا جائت ندا تطرق أبواب الذكريات من جديد وتخترق صو معته .؟
خفق قلبه ليأتي بإحساس لم يكن ليشعر به إلا عند رؤية محبوبته سمية التي إختارها بقلبه وعقله معا , وتدب في رأسه تساؤلات كثيره في ثوان قليلة..."هل أنا مخادع ؟ألا زلت أحب ندا حتى الآن , أم لأنها أول طارق لأبواب لقلعة لم تطأها أنثى من قبل ..فسكنت في بقعة سحرية منه ولم تبرحها بعد, وإن كان الأمر كذلك فما مصير سميه التي وهبتها كل حبي ومساءاتي وأقماري الساهره"؟
لقد مضى على فراقهما أكثر من عامين تأكد خلالهما أن حبه لندا لم يكن الحب الحقيقي الذي يشبع قلبه ويقنع عقله أيضا ولكنه تعلق بها فترة من الزمن ......... كان لقائه بها لقاءا عجيبا لقاءا أولا وأخيرا لقاءا لايحسب بالوقت ولكن يحسب بقدر المغامرة والعاطفة المكبوتة التي وجدت لها جدولا تجري فيه بعد أن ظلت طيلة العمر حبيسة,وحتى إذا وجدت لها مسلكا نعها حياؤه من البوح ,........ عادل كاد أن يتسى تماما ندا وحبه لها إلا أن ذلك اللقاء العجيب لايزال يثير في نفسه الكثير من التساؤلات عن كيفية إختراقها لحياته في ذلك اليوم وفي لحظات قليلة وكيف استطاعت أن تنفذ إلى قلبه ..هاهي الذكريات تعرض نفسها على الجالس متنحيا عن زملاءه يتذكر عادل حينما كان مسرعا نحو السيارة المزدحمة وكأنها كتلة بشرية مغلفة بغلاف معدني ثم صافحة مع السائق ربما كانت سببا في إيجاد مقعد خال ، يجلس ثم يلتفت إلى يمينه فلا يستطيع أن يحول بصره عن تلك الفتاة الغير موغلة في أعماق الجمال ولكنها تشع من ملامحها و عينيها رمق غريب وحنان عجيب فبعد أن ألقى عليها التحية بدأ الحديث بطريق عفوية فهو يخشى الحديث معهن ولايلتفت إليهن بالمرة ....,كالسلم الوسيقي بدأ الحديث ليتدرج من التعارف إلى تبادل الآراء حتى يصل إلى درجة كانت شبه مزلزلة للشاب ذو الشاعر الخصبة الذي يخشى محادثة الفتيات ......فلم يكن الدفىء الآتي من ناحيتها والحنان القادم من عينيها إلا مقدمة لمرحلة جديدة في تعارفهما ليعلم كل منهما عن الآخر ما قد لا يعلمه عنه أسرته .وأخذت ندا تحكي عن أسرتها وعن حياتها وهمومها وعندما تسقط بعض القطرات من عيني ندا يخفق قلب عادل الذى أخذ هو الآخر في إفساح الطريق أمام همومه وأفكاره التي لم ييجد من قبل من يجهد اذانه ثوان قليل ليسمعه ....... تستمر النظرات ويتعمق كل منهما بداخل الآخر مارا بحدقته ليغوص في أعماق قلبه الوحيد ليتحدا سويا , وحينما أبدت ندا إعجابها به بادلها نفس الإحساس ولم يشك ولو للحظة واحدة أن تكون دا من الفتيات اللاهيات بالقلوب ,تستمر الأحاديث بينهما في فرحة لا يخلو الأمر من بعض الخوف من المستقبل الغير مأمون التقلبات , شعر عادل معها بالحنان والأمان والراحة .شعر بأهمية تلك الشريعة الإلهة الجميلة ..الزواج.........,لم يكن تلامس المشاعر وتشابك النظرات سابقا لتلامس القلوب وتشابك أغصان الروح ، نظرة لاتعني شيئا سوى عزف منها على أوتار القلب الخافق لتخرج سيمفونية تنشر في السماء الملبدة بغيوم الياس زهور المل وعلى الأرض الجدباء كل الحياة من جديد وفي فضاء عالمهما عبير حكايات امحبين ولتفتح جداول القلب لتثلج صدرا طالما أعتاد حمل الهموم.......كانت أحلامهما اسرع من السيارة التي تقلهما ولغة الصمت هي المسيطرة حتى يتاكل الطريقوسط حسرتها على انتهاء الوقت ويبدأ الجميع في المغلدرة بينما عادل وندا لا يزالان يثقلان مقعديهما وكأن أرواحهم تغلغلت في هذا امكان وقد سيطر عليهما إحساس بان مغادرتهما لهذا المكان لا تعني سوى الكلمة الأولى في فقرة النهاية . وبعد إنزال الحقائب كان الوداع مقتضبا وخيم عليهما إحساس عميق بالفراق بعد هذا اليوم .وذلك ماتحقق بالفعل .......................
يظن بعض العاملين أن المدير قد أصابته وعكة صحية فهم لم يعتادوا منه أن يجلس شارد الذهن هكذا , في ذلك الوقت كان عادل يتأرجح بين من طرقت أبواب ذكرياته لتنفذ إلى حاضره لتدمي جرحا كان قد ضمده الزمن وبين هموم وأثقال لامناص من التعامل معها وإلا سحقه عقرب الثواني لص الأعمار ., وكان لابد له من أن يخرج ندا من ذاكرته ولو بصورة مؤقته ويغلق ابواب ذكرياته , ولكن يفشل في ذلك كثيرا ويغرق في تساؤلات عده حول مصداقيته مع سميه التي أعطاها كل قلبه وعقله وكانت له عوضا عن كل التذبذبات الماضيه فالعقل والمنطق والحكمة والمجتمع الذي يعيش فيه يشيرون إليه فما الذي أتى بندا مرة أخرى لتعزف على أوتار الماضى ........ جاهد عادل نفسه كثيرا حتى يستطيع أن يقف بثبات مخاطبا طيف ندى ........إذهبي الان أرجوك . لاتعودي . لقد غرقت سمفونيتك في بحر النسيان منذ لقاؤنا واستتر أول نجم يعترض ليلي الحالك ولكن ربما أعود إليك قريبا في رداء الصداقة الخالد.........0
تمت...
مصطفى ضبع 2004
............ دعوه مفتوحه للجميع لزيارة منتدى مصطفى ضبع الأدبي للفكر والإبداع ...........
http://mostfadaba-adab10.ahlamontada.net
E-mail: Mostfa.dabaa@yahoo.com