الفرافرة أصغر واحات الصحراء الغربية، وقد ورد ذكرها في النصوص القديمة بداية من الأسرة الخامسة، وكان اسمها يطلق على أحد موظفي هذا العصر، حيث عرفت باسم ـ تا إحت ـ أي (أرض البقرة) ويرتبط أيضاً بالإلاهة ــ حتححور ـ وتشهد آثارها الحالية ان المصريين القدماء عاشوا فيها في عصور ما قبل التاريخ منذ خمسة آلاف سنة قبل الميلاد.
وللفرافرة أهمية استراتيجية خاصة، في الدفاع عن مصر ضد الهجمات الآتية من الغرب مثلما حدث عندما هاجم الليبيون مصر، من الغرب في عهد الملك (مرنبتاح) من الأسرة التاسعة عشرة، وسلكوا أحد الطرق القديمة، في الصحراء اللبيبة والذي يمر عبر الفرافرة، واحتلوا الواحة كما ورد ذكره في السطر رقم عشرين من ـ (نَص الكرنك) ـ ... الدكتور احمد فخري في كتابه ــ الصحراوت المصرية ـ الجزء الثاني..
والفرافرة تقع شمال غربي الواحة الداخلة ، ومنخفضها هو أكبر منخفضات الصحراء الغربية.. ويحيط بهذا المنخفض جرف صخري من ثلاث جهات، وهناك هضبتان على الجانبين الشرقي والغربي للمنخفض، وتعتبر الفرافرة أفضل الواحات صحياً ، وقد ارتبطت الفرافرة بالواحات الأخرى ووادي النيل بعدة طرق للقوافل، حيث يوجد طريق قديم للقوافل بين الفرافرة والداخلة، يبلغ طوله حوالي، مائتي كيلو متر وكانت القوافل تقطعه في اربعة أيام اوخمسة.. ويمر ببئر داكار وهى عين رومانية قديمة..!!
وهناك طريق يربط بين الفرافرة وأسيوط عند بني عُديْ ويبلغ طوله حوالي 280كيلو متر، وهناك طريق آخر يربط الفرافرة بالغرب، وحتى ليبيا ويوجد به ـ عين دالة ـ القديمة التي تقع على بعد .75كيلو متر من قصر الفرافرة عاصمة الواحة..
وتقع العين على رمال أحد التلال وينمو حولها عدد من اِلأشجار وقد قام بتطهيرها الأمير ـ عمر طوسون ـ في أواخر العشرينيات ، وبطن بعض جوانبها بالأسمنت، ومياة العين من النوع الجيد، وتكفي حاجة القوافل الواردة من وإلى الفرافرة القادمة من ليبيا،
وعين أخرى تسمى ـ عين خضرا ـ ورد ذكرها عنها مقال سابق ,, ويتناثر حولها بقايا فخار روماني.. وقد عثر بالقرب منها على تميمتين صغيرتين من البرونز للإلاهة ـ سخمت ـ والإلاهة ـ جاربو قراط ـ وتمثال جعل خالي من النصوص وخرزتين وقطعة رومانية متآكلة وفي منخفض عين الوادي يمكن رؤية أعداد كبيرة من الغزلان على شكل قطعان أحياناً.!
وتقع الفرافرة في منتصف المسافة بين الواحات البحرية والداخلة.. ولذلك اعتمدت الفرافرة في معظم تاريخها على الواحات البحرية كما ورد ذكرها في النصوص القديمة.
التي تذكر أن هروات الفرافرة كان لها شهرة واسعة ، كما جاء في البردية التي ترجمها ـ جون ولسون ـ " عن القروي من وادي النطرون الذي حمل مجموعة سلع من الفرافرة وأهمها : الهروات وينتشر في أرض الفرافرة الحجر الجيري، والطباشيري وهو أحد المعادن الهامة التي كانت تورد إلى وادي النيل منذ الأسرة التاسعة عشرة.
وذكر ـ بيدنل ـ عن هذه الواحة أن أرضيتها مغطاة بكُسر كبيرة وصغيرة متبلورة من كبريت الحديد والماركاسيت وعدد من المعادن الأخرى تعتبر ثروة قومية خاصة.. إضافة لتدفق المياة الجوفية.. حيث يوجد بأرض الفرافرة.. أكبر خزان جوفي في الواحات جميعاً.
الفــرافــرة والتاريـــخ:
كل الشواهد والأطلال الباقية من الزمن القديم بالفرافرة لاتدل على آثار للعصور الفرعونية، ولكن هناك مجموعة من الآثار الفرعونية قد عثر عليها الكثير من الأهالي وكذلك مسئولي الآثار وخصوصا ــ زاهي حواس ـ.. وهناك بعض من بقايا آثار لعصور تالية حول قصر الفرافرة وبجوار العيون القديمة مثل ـ الجبانة القديمة المغطاة بالرمال بالقرب من قصر الفرافرة ويوجد بها بعض المقابر المنحوتة في الصخور ، وعلى جدرانها عدد من الصور والزخارف وعدد من المقابر الصغيرة المنحوتة في تلة بالقرب من عين ـ جلاور ـ وغير متمثلة بجبانة ومقابر صخرية، وبقايا المباني من الطوب اللبن بالقرب من عين ـ بساي ـ وبالقرب من المقابر الصخرية مبنى من الحجر الجيري على شكل مقصورة صغيرة،
ـ مقبرتان صغيرتان فوق تل مترفع: بالقرب من ـ بشوي ـ بعض المقابر المنحوتة في الصخر ولا تزال مداخلها مدفونة وتوجد بالقرب من ــ عين جلاوو .. غرب عين شمنادا ـ هناك موقعان آخران مرتبطان بالفرافرة هما أـ عين الوادي ـ وعين دالة ـ وتمتد مساحة منخفض عين الوادي لأكثر من 45 كيلو متر شمال شرق قصر الفرافرة .
والعين الرئيسية في هذا المنخفض تقع عند حافته الجنوبية، وتحيط بها مجموعة من أشجار النخيل ويقال أن هذا المكان كان مأهولاً بالسكان في الزمن القديم، لوجود آثار زراعات سابقة به وحتى منخفض عين الوادي تنتشر قطعان الغزلان في أي وقت من النهار.
أما ـ عين دالة ـ فتقع على بعد 75 كيلو متر شمال قصر الفرافرة ، ويمكن الوصول إليها عن طريق درب يدور حول الحافة الشمالية للهضبة، تسمى ـ قرص أبو سعيد ـ وفي رواية اخرى ـ قيس أبو سعيد ـ على لسان أحد شباب الفرافرة ..
وقد قام الأمير عمر طوسون بتطهيرها في أواخر العشرينيات كما وسبق ان ذكرنا..
وفي موقع آخر يوجد به مجمعة أطلال كجدران منازل مبينة من كتل حجرية غير مستوية على وجه الأرض .. بالقرب من ــ عين خضرا ـ التي تقع على مقربة من وادي ( حِنِّس) الذي يوجد به أطلال لمباني من الطوب اللبن على مرتفع يمس واحة أبوطرطور ويرجع أنه من العصر الروماني ولأن خزان المياة الجوفية بالفرافرة يمثل أكبر نسبة في واحات الوادي الجديد.
37,87% فإن المخطط زراعته بها في المستقبل يصل إلى 95 ألف فدان..!! تم تخصيص 35الف للشركات الاستثمارية بسهل قروين .
هناك عدة مخاطر طبيعية يمكن الحماية منها مثل السيول عند الحافات الشمالية والشرقية وحواف هضبة القس أبو سعيد، بعمل مخرات لهذه السيول، وخطر آخر هو زحف الكثبان الرملية من حقل الرمال الموجود بالقرب من الحافة الشمالية لمنخفض الفرافرة ويهدد عمليات التنمية في سهل قروين، بينما لا تتأثر الفرافرة والشيخ مرزوق بهذا الحقل. لأنها تقع بعيدا عن اتجاه حركته.
ولذلك روعيّ في إقامة الحصون لتكون قريبة من طريق درب الأربعين المذكور لحراستها وصيانة الأمن الداخلي في البلاد المجاورة ودفع عدوان القبائل البربرية، التي كانت من وقت لآخر تشن على البلاد وتعمل فيها قتلاً وتخريباً.
ويذكر التاريخ غارات " البيليمز" الكثيرة في العهد الروماني وهى قبائل كانت تقيم على جانبي نهر النيل عند حدود مصر الجنوبية وكانوا للفرافرة شر الجوار..
ويقال أنهم من أسلاف ــ عرب البشارية ــ وعرب ـ العبابدة ـ .
أهـــل الفـــرافـــرة :
يتميز سكان الفرافرة بالتجانس اللغوي والفكري والثبات النسبي في العادات والتقاليد المتوارثة، وتشير الدراسات أن أغلبهم من أصول ليبية وعربية ولذلك فملابسهم وعاداتهم أقرب إلى البدو ، والصفة الملموسة في أهل الفرافرة أنهم أناس مسالمون. وقانعون ويعيشون على الفطرة.
وقد وصف الرحالة الأوروبي ـ كايو ـ الذي زار الفرافرة في عام 1819م ويعتبر اول رحالة يزور الفرافرة ويكتب عنها ويقول عن حالها آنذاك: " بان مدينة القصر حصن مهجور والناس تعيش في القرية المحيطة به، ولأن الفرافرة واحة معزولة فإن أهلها يكبر داخلهم الخوف من الغرباء، وكانت وسيلة السفر الوحيدة هى الجمال التي تقطع المسافة إلى الواحات الداخلة وهى حوالي 300 كيلو في أربعة أيام ، ويذهبون إلى ديروط عن طريق سهل قروين في سبعة أيام، ويحكي الشيخ / صالح عبدالله - رحمه الله - الذي ورث عمودية الفرافرة ، عن أجداده أن أهل الفرافرة يتفرعون من ستة قبائل هى:
الحنانوة : والعيادية : والركابية والرميحات ، والقدادرة ، والعكارتة..
فمنهم من جاء من الصعيد وآخرون من الجزيرة العربية ومن ليبيا وتونس، وكان الموسورون بالفرافرة لايزيدون عن ست بيوت يأكلون من أراضيه وبيقية سكان الواحة.. يسيحون فيها يبتغون من فضل الله.
ويضيف بأنه لم يكن يزور الفرافرة غريب عنها إلا نادراً ويتذكر زيارة( أحمد حسنانين باشا): رئيس الديوان الملكي في عهد فاروق الأول.. والذي استقبله والده العمدة عبدالله محمد، وذبح له خروفاً .
لم يكن الساح يذهبون للفرافرة إلا منذ خمسينيات القرن الماضي فقط، ويتزايد عددهم في فصل الشتاء، ويقول الشيخ صالح عبدالله:
" كنت أستقبلهم في بيتي حتى قال لي أحد الأشخاص أن معظهم غير متزوجين وأنه يلتقون ببعضهم في الطريق:
عادات الزواج:
أما عن عادات الزواج في الفرافرة.. فإن الفرح كان يستمر أسبوعاً كاملاً وربما شهراً كاملاً في كثير من الأحيان.. وكان المهور من سبع إلى ثمان جنيهات. ولكنهم الآن أوصلوها إلى مائتي جنيه في عام 2003 .. وكان أكبر ثري من عالة كبيرة لا يدفع أكثر من عشرة جنيهات في الخمسينيات.
وأغلب رجال الواحة يكتفون بزوجة واحدة، إلا إذا كانت هذه الزوجة عاقر ، فله الحق في ان يتزوج عليها..وقد يكون هناك سبب آخر لذلك وهو حالة الفقر الشديد، وعدم استطاعة الانفاق على زوجتين.
أما عن تعليم البنات فإن أهل الفرافرة لايسمحون لبناتهم بإكمال تعليمهن لأنهم سوف يضطرون للبعد عنهم وإكمال تعليمهن بعيداً عن الفرافرة، لعدم وجود كليات جامعية بها وهذا لايرضونه لبناتهم.
ولأن تنوع المحاصيل الزراعية قليل في الفرافرة فأنها اعتمدت في تاريخها على تبادل السلع الغذائية مع أسيوط بوادي النيل، حيث كانت الجمال تحمل البلح والمشمش في مواسمها، ويذهبون إلى أسيوط لبيع هذا المحصول وشراء العدس والملابس من هناك.
مزرعة الفئران:
عندما مرت سيارات البعثة الاستكشافية بمنطقة على بعد 130 كيلو متر غرب الواحات الداخلة ضحك الدكتور البهي العيسوي وحده وسأله فاروق الباز لماذا تضحك : فقال لأننا الآن نقترب من أكبر مزرعة للفئران في العالم، ويحكي الدكتور البهي حكاية مزرعة الفئران.
يقول: في منطقة أبو منقار على مسافة نحو خمسمائة كيلو متر إلى الغرب من أسيوط في قلب الوادي الجديد،، فكر المسؤلون هنا في عام 1969م، في زراعة القمح بالوادي الجديد، وبالفعل اختاروا مساحة من الأرض قومها 5000فدان، زرعوها كلها قمحاً وفي الوقت المحدد تماماً.. تم حصاد المحصول الكبير الذي أخرجه خمسة آلاف فدان.. من الأراضي البكر، وفجأة اكتشف المسؤلون أن المسافة بين أبو منقار حيث القمح المخزون حصاد خمسة آلاف فدان .. وبين أقرب طريق للعمران على الأقل 220 كيلو متر من أقرب طريق أسفلت يصل إلى أسيوط، ولم يجد المسؤولون وسيلة نقل واحدة لنقل المحصول الهائل..
منذ عام 1969م وحتى اليوم وطوال السنوات التسعة عشر الماضية ومحصول خمسة آلاف من القمح الجيد. في العراء نهباً للفئران والعصافير .. لدرجة أن سكان قرية أبو منقار في الصحراء الغربية، هربوا من القرية وتركوها للفئران السعيدة الحظ،.! والتي عثرت على كنز من الغذاء يكفيها ومن يأتي من بعدها لأجيال قادمة.
أحمد حسانين باشا أول رحالة مصري:
وقد اخترق الصحراء الغربية وقد وضع كتاياً يحمل اسم (رحلة إلى الصحراء الغربية) وقد اصطحب احمد حسانين باشا في رحلته الأولى إلى الصحراء الغربية سيدة انجليزية اسمها ـ مس فوربس ـ وقد اكتشف خلال الرحلة واحة (الجغبوب) في الصحراء المصرية .. وواحة الكفرة .. في الأراضي الليبية الآن ثم اكتشف اخيرة أطلق عليها اسم واحة ــ آركينو ــ في الصحراء الليبية أيضاً.
والأركينو نوع من الأشجار ينمو في الصحراء .. والطريف أن مس فوربس الانجليزية قد اختلفت مع أحمد حسانين باشا وهما في رحلة الصحراء بعد رفضه الزواج منها.. وذهبت إلى لندن وقالت انها هى التي حققت كل هذه الاكتشافات في الصحراء الغربية..! وأن الباشا كان تابعاً لها..!!
وعندما ذهب احمد حسانين باشا إلى روما لكي يتسلم الجائزة من ـ عمانويل الأول ـ ملك إيطاليا، لاكتشافاته في الصحراء الغربية، ذهبيت إلى هناك أيضاً مس ـ فوربس ـ وحاولت الشوشرة عليه أثناء الحفل وقالت له لماذا منحوك أعلى وسام إيطالي ؟
قال لها بالحرف الواحد : لابسبب اكتشافاتي ولكن بسبب عفتي..
١٨٦احمد فاروق عثمان، ابراهيم بركة و١٨٤ شخصًا آخر
٣١ تعليقًا
١٤٢ مشاركة
أعجبني
تعليق
مشاركة