الغيبة والنميمة :
تعريف النميمة :
تعريفها : هي نقل الكلام بين طرفين لغرض الإِفساد. يقول الغزالي " الإحياء ج 3 ص 135 ": تطلق النميمة في الأكثر على من ينم قول الغير إلى المقول فيه، كما تقول : فلان كان يتكلم فيك بكذا وكذا، وتعرَّف النميمة أيضا بكشف ما يكره كشفه سواء كرهه المنقول عنه أو المنقول إليه أو كرهه طرف ثالث وسواء كان الكشف بالقول أو الكتابة أو الرمز والإِيماء، فالنميمة إفشاء السر وكشف الستر عما يكره كشفه، وجاء في الحديث أن النبي - صلى الله عليه وسلم - مر على قبرين يعذَّبان فوضع عليهما جريدة وقال إنهما يعذبان في كبير، أما أحدهما فكان لا يستبرئ من بوله، وأما الآخر فكان يمشي بالنميمة بين الناس.
يقول ابن القيم: أول ما يحاسب عليه العبد الصلاة والدماء، فمن ترك الاستبراء الذي هو مقدمة الصلاة، ومن نَمَّ والنميمة أصل العداوة المريقة للدماء، فحظهما العذاب الشديد " غذاء الألباب ج 1 ص 91 " ويقول الشاعر :
لي حيلة فيمن ينم وليس للكذاب حيلة * من كان يخلق ما يقول فحيلتي فيه قليلة
مظاهرها : تكون النميمة بين الحبيبين وبين الزوجين،وبين الأسرتين، وبين الدولتين، وبين الرئيس والمرءوسين.
آثارها : التفرقة بين الناس، قلق القلب، عار للناقل والسامع، حاملة على التجسس لمعرفة أخبار الناس، حاملة على القتل، وعلى قطع أرزاق الناس، جاء في الحديث " لا يبلغني أحد منكم عن أصحابي شيئا، فأنا أحب أن أخرج إليهم وأنا سليم الصدر".
صفات النمام : النمام ذليل، جاء في إحياء علوم الدين "ج 3 ص35 " أن رجلا سأل حكيما عن السماء وما أثقل منها؟ فقال : البهتان على البرىء، وعن الأرض وما أوسع منها؟ فقال : الحق، وعن الصخر وما أقسى منه؟ فقال : قلب الكافر وعن النار و أحَرَّ منها؟ فقال : الحسد، وعن الزمهرير وما أبرد منه؟ فقال : الحاجة إلى القريب إذا لم تنجح. وعن البحر وما أغنى منه؟ فقال : القلب القانع، وعن اليتيم وما أذل منه؟ فقال : النمام إذا بان أمره، النمام كذاب، غشاش، مغتاب، خائن للسر، غادر للعهد، غال حسود، منافق، مفسد يحب الشر للناس، الصدق لا يذم من أحد إلا من النمام، ذو وجهين، متجسس، فاسق.
الغيبة : من الاغتياب... أن يتكلم بإنسان مستور بسوء" .
وسميت الغيبة بذلك لغياب المذكور حين ذكره الآخرون
سأل النبي صلى الله عليه و سلم أصحابه ،هل تدرون ما الغيبه؟ قالوا :الله و رسوله اعلم ،فقال . ذكرك اخاك بما يكره قيل :أرايت إن كان في أخى ما أقول؟ قال .:إن كان فيه ما تقول فقد اغتبته و ان لم يكن فيه مل تقول فقد بهَّته .(رواه مسلم)
النَمِيْمَة : مِن نَمّ نَمَّا ، هي نقل الحديث على وجه السعاية و الإفساد لإيقاع الفتنة بين شخصين أو أكثر ، و هي من الآثام الكبيرة و المعاصي العظيمة
وفي الصحيح : كان رجل يرفع إلى عثمان حديث حذيفة، فقال حذيفة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "لا يدخل الجنة فتان"، يعني نمام
من حق المسلم على المسلم أن لا يغتابه ولا يبهته، فإذا سمع أحداً وقع فيه ردَّ عنه وأسكته، فقد روي عنه صلى الله عليه وسلم: "من ردَّ عن عرض أخيه ردَّ الله عن وجهه النار يوم القيامة.
كفارة الغيبة :
الغيبة من الكبائر، وليس لها كفارة إلا التوبة النصوح، وهي من حقوق الآدميين، فلا تصح التوبة منها إلا بأربعة شروط، هي:
1-الإقلاع عنها في الحال.
2- الندم على ما مضى منك.
3- والعزم على أن لا تعود.
4- واستسماح من اغتبته إجمالاً أو تفصيلاً، وإن لم تستطع، أو كان قد مات أوغاب تكثر له من الدعاء والاستغفار.
لا تمكِّن أحداً أن يغتاب عندك أحداً أخي الكريم نزِّه سمعك ومجلسك عن سماع الغيبة والنميمة، لتكون سليم القلب مع إخوانك المسلمين، فعن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يبلِّغني أحد عن أصحابي شيئاً فإني أحب أن أخرج إليكم وأنا سليم القلب
عن أبي هريرة قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : كل مسلم على المسلم حرام : دمه ، وماله، وعرضه .
وعن أبي هريرة رضي الله عنه أيضا أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا تحاسدوا ، ولا تباغضوا، ولا تدابروا، ولا يغتب بعضكم بعضاً ، وكونوا عباد الله إخواناً .
عن جابر و أبي سعيد ، قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم :إياكم والغيبة ، فإن الغيبة أشد من الزنا ، إن الرجل يزني فيتوب، فيتوب الله عليه وإن صاحب الغيبة لا يغفر له حى يغفر له صاحبه.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم *:مررت ليلة أسري بي على قوم يخمشون وجوههم بأظافرهم فقلت: يا جبريل ، من هؤلاء؟ قال: هؤلاء الذين يغتابون الناس، ويقعون في أعراضهم.
قال الرسول صلى الله عليه وسلم : يا معشر من آمن بلسانه، ولم يؤمن بقلبه، لا تغتابوا المسلمين، ولا تتبعوا عوراتهم، ومن يتبع الله عورته يفضحه في جوف بيته. .
عن النبي صلى الله عليه وسلم قال إن أربى الربا : تفضيل المرء على أخيه بالشتم ).
عن خالد الربعي، قال: دخلت المسجد فجلست إلى قوم فذكروا رجلاً، فنهيتهم عنه فكفوا، ثم جرى بهم الحديث، حتى عادوا في ذكره ، فدخلت معهم في شيء من أمره فلما كان من الليل رأيت في المنام كأن شيئاً أسود طويلاً شبه الرجل، إلا أنه طويلاً جداً، معه طبق خلاف أبيض عليه لحم خنزير، فقال: كل قلت:آكل لحم خنزير؟! والله لا آكله. فأخذ بقفاي وقال: كل-إنتهارة شديدة - ودسه في فمي، فجعلت ألوكه، ولا أسيغه ، وأفرق أن ألقيه، واستيقظت. فمخلوفه لقد مكثت ثلاثين يوماً وثلاثين ليلة ، ما آكل طعاماًإلا وجدت طعم ذلك اللحم في فمي..
مر عمرو بن العاص[ رضي الله عنه ] على بغل ميت، فقال لأصحابه:والله لأن يأكل أحدكم من لحم هذا حتى يمتلئ ، خير له من أن يأكل رجل مسلم.
كان عمر بن الخطاب يقول: لا تشغلوا أنفسكم بذكر الناس، فإنه بلاء ، وعليكم بذكر الله، فإنه رحمة.
ما الفرق بين الغيبة والنميمة ؟
الغيبة والنميمة كلاهما حرام، وكبيرة من الكبائر، والراجح عند أهل العلم أن هناك فرقاً دقيقاً بين الغيبة والنميمة، وبينهما عموم وخصوص، وذلك أن النميمة هي نقل حال الشخص إلى غيره على جهة الإفساده بغير رضاه، سواء كان بعلمه أم بغير علمه.
وأما الغيبة فكما قال النبي صلى الله عليه وسلم: "ذكرك أخاك بما يكره"، فامتازت النميمة عن الغيبة بقصد السوء، وامتازت الغيبة عن النميمة، بكونها في الغيبة، واشتركا فيما عدا ذلك، ومن العلماء من اشترط في الغيبة أن يكون المقول فيه غائبأً، فالغيبة تكون فيما لا يرضيه، وإن لم يكن على وجه الإفساد.
لذا، فأن تذكر أخاك بما فيه بغمز أو قدح ولو بوصف، ولو بدعاء ويكون فيه تنقص فهذه غيبة، كما قال النووي في (الأذكار) عن غيبة العباد، فيذكر رجل على لسان آخر فيقول: اللهم اهده، فيشعر السامع أنه ضال، لذا قد تكون الغيبة بالدعاء، والله أعلم.