ليت الذي خلق العيـون السـودا
خلـق القلوب الخافقات حديـدا
لـولا نواعسـها و لولا سحـرها
مـا ود مـالك قلبـه لو صيـدا
إن أنت أبصرت الجمال و لم تـهم
كنت امرءا خشن الطبـاع بليـدا
وإذا طلبـت مع الصبـابة لـذة
فلقـد طلبت الضـائع الموجـودا
يا ويـح قلبـي إنـه في جانبـي
وأظنـه نـائـي المـزار بعيـدا
هي نظرة عرضت فصارت في الحشا
نارا وصار لـها الفـؤاد وقـودا
والحـب صـوت فهو أنه نائـح
طـورا وآونـة يكـون نشيـدا
ويلـذ نفسي أن تكـون شقيـة
ويلـذ قلبـي أن يكون عميـدا
إن كنـت تدري ما الغرام فداوني
أو لا فخـل العـذل و التفنيـدا
ما شـمت حسنك قط إلا راعني
فوددت لو رزق الجمال خلـودا
وإذا ذكرتك هز ذكرك أضلعـي
شـوقا كما هز النسـيم بنـودا
و لقد يكون لي السلـو عن الهوى
لكنـما خـلـق المـحب ودودا
ولولا فتاة في الخيام مقيمة * لما اخترت قرب الدار يوما على البعد
مهفهفة والسحر من لحظاتها * إذا كلمت ميتا يقوم من اللحدا
أشارت إليها الشمس عند غروبها * تقول إذا اسود الدجى فاطلعي بعدي
وقال لها البدر المنير ألا اسفري * فإنك مثلي في الكمال وفي السعد
فولت حياء ثم أرخت لثامها * وقد نثرت من خدها رطب الورد
وسلت حساما من سواجي جفونها * اللة اكبرف أبيها القاطع المرهف الحد
تقاتل عيناها به وهو مغمد * ومن عجب أن يقطع السيف في الغمد
مرنحة الأعطاف مهضومة الحشا * منعمة الأطراف مائسة القد
يبيت فتات المسك تحت لثامها * فيزداد من أنفاسها أرج الند
ويطلع ضوء الصبح تحت جبينها * فيغشاه ليل من دجى شعرها الجعد
وبين ثناياها إذا ما تبسمت * مدير مدام يمزج الراح بالشهد
شكا نحرها من عقدها متظلما * فواحربا من ذلك النحر والعقد
فهل تسمح الأيام يابنة مالك * بوصل يداوي القلب من ألم الصد
سأحلم عن قومي ولو سفكوا دمي * وأجرع فيك الصبر دون الملا وحدي
سألتها الوصل قالت لا تغر بنا * من رام منا وصالا مات بالكمد
كم قتيل لنا مات جوى * من الغرام ولم يبدئ ولم يعد
فقلت استغفر الرحمن من زلل * إن المحب قليل الصبر والجلد
خلفتني طريحا وهي قائلة * تأملوا كيف فعل الظبي بالأسد
غرتني بجيش من محاسن وجهها * فعبى لها طرفي ليدفع عن قلبي
فلما التقى الجيشان أقبل طرفها * يريد اغتصاب القلب قسرا على الحرب
ولما تجارحنا بأسياف لحظنا * جعلت فؤادي في يديها على العضب
وناديت من وقع الأسنة والقنا * على كبدي يا صاح مالي وللحب
فصرت صريعا للهوى وسط عسكر * قتيل عيون الغانيات بلا ذنب