صاحبة محاولة الانتحار الفاشلة: أسعد لحظات حياتى أثناء سقوطى فى مياه النيل
١١/ ٦/ ٢٠١٠
«الريس بيجيلى فى المنام ويقولى ماتخافيش.. وأنا بقوله أنا خايفة.. الفقر كل يوم بيكبر فى الدنيا.. ١٧ سنة عايشة فى حجرة مترين فى متر فوق السطوح ودورة مياه مشتركة مع ٤ أشخاص.. قلت الموت أهون من الذل ومد الإيد!!».
بهذه الكلمات بدأت نفيسة حسن يوسف أحمد «٣٥ سنة»، السيدة التى ألقت بنفسها من أعلى كوبرى قصر النيل منذ أيام وأنقذتها العناية الإلهية من موت محقق، وأضافت أنها حاولت التخلص من حياتها ٣ مرات، الأولى ألقت بنفسها من أعلى كوبرى مسطرد فى ترعة الإسماعيلية وتناولت مواد سامة - بعد تعرضها لصدمات وقسوة وإدخالها مستشفى الأمراض النفسية - إلى أن سمعت أن مياه النيل اللى ينزلها يموت فقفزت من أعلى كوبرى قصر النيل.
وداخل حجرة بسيطة فى زهراء عين شمس، تعيش المأساة فى كل شبر. قالت إن زوجها طلقها منذ ٣ سنوات وترك لها طفلاً عمره «٧ سنوات» كل ما تملكه حصيرة وعدة ألواح خشب تستند على قطعتى حديد للنوم عليها ولوح خشب تضع عليه الأطباق ودولاب صغير تحتفظ فيه بالشهادات التعليمية الحاصلة عليها، تقيم معها والدتها المسنة التى تكاد تكون فقدت بصرها بسبب عدم قدرتها على إجراء عملية لإزالة المياه البيضاء.
يوم الاثنين الماضى قررت التخلص من حياتها بعد أن اسودت الدنيا فى وجهها فتوجهت إلى التحرير وظلت تتجول حتى وصلت إلى كوبرى قصر النيل، نظرت إلى المياه فترة طويلة وظلت تتلفت حولها لتودع الدنيا وقفزت من أعلى الكوبرى وهى تردد بعض الأغانى الدينية والشهادتين، اختلط صوتها بصوت المياه.
أكدت أن لحظة سقوطها فى النيل كانت أفضل لحظات حياتها، لكنها فوجئت بالمراكبية ينقذونها ويخرجونها من المياه، رفضت الخروج لكنهم تمكنوا من إخراجها بالقوة. صدمات الحياة والمواقف الصعبة جعلتها تفقد الأمل، والحزن واليأس تمكنا منها وفقدت الابتسامة، أمنية حياتها أن تعيش فى شقة من غرفة وصالة ودورة مياه دون انتظار دورها فى الدخول حتى تعيش مع طفلها.
صمتت لحظات واستطردت: «أول صدمة فى حياتى منذ ١٥ سنة عندما تزوجت من ابن عمى فى الصعيد ولم تستمر الزيجة سوى ٣ شهور وبعدها عدت إلى القاهرة وجلست مع أمى فى هذه الحجرة، عشت على أمل استكمال دراستى فى كليه التجارة -كانت طالبة فى الفرقة الثانية - إلا أننى لم أتمكن من الإنفاق على نفسى، تردد علىَّ العرسان، كان بينهم بائع أنابيب تزوجت منه منذ ٧ سنوات بعد أن أبلغنى أنه يمتلك شقة، وشعرت بأن الأمور بدأت تتيسر، ساعدته فى المعيشة بالعمل وقمت بيبع مشغولاتى الذهبية من أجله إلا أنه تعامل معى بقسوة ودون رحمة وأدخلنى مستشفى الأمراض العقلية للانتقام منى،
وبعد خروجى من المستشفى عشت معه للإنفاق عليه وعلى طفلى، إلا أننى فوجئت به يصطحبنى إلى المأذون ويطلقنى دون علمى، فازدادت الصدمات وأصبت بحالة اكتئاب لعدم وجود دخل حتى أنفق منه على نفسى وعلى طفلى سوى معاش والدى البسيط الذى تعيش به والدتى المسنة وتنفقه فى دفع إيجار الحجرة والعلاج، وفى النهاية أصبحت مسؤولة عنى، فقررت الانتحار بإلقاء نفسى فى النيل.
وأثناء حديثها نهضت والدتها من مكانها وأحضرت كيساً من البلاستيك به مجموعة من الأوراق، تبين أنها شهادات الثانوية العامة والإعدادية وكارنيهات منسوبة إلى كلية التجارة جامعة عين شمس خاصة بابنتها، وظلت تبكى بشدة مرددة «أنا مليش غير بنتى، ابنى الكبير توفى فى السعودية، وهى التى تخفف علىَّ وحدتى»، وأنهت كلامها بالبكاء.
أنهت صاحبة المأساة كلامها بأن كل ما تتمناه هو شقه تعيش فيها وطفلها ووالدتها.
وفى السياق نفسه، تجرى نيابة قصر النيل، برئاسة محمد عبدالشافى تحقيقاتها فى الواقعة واستمعت إلى أقوال الضحية بإشراف المستشار ممدوح وحيد، المحامى العام الأولى لنيابات وسط القاهرة، وتبين أن السبب الرئيسى فى إقبال هذه السيدة على الانتحار هو الفقر والغرفة التى تسببت فى إصابتها بالاكتئاب، وتبين قيامها عدة مرات بمحاولة الانتحار، وفى كل مرة يتم إنقاذها.