أما بعد: فإن خير الكلام كلام الله تبارك وتعالى، وخير الهدي هدي محمد صلى الله عليه وسلم، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار، أمّا بعد:
فقد مرّ بنا في الخطب الماضية بعض الأحكام المتعلقة بالأولاد في الإسلام، وذلك في إطار خطب عن الأسر المسلمة، وأستكمل اليوم شيئًا مما بقى من هذه الأحكام، فأتكلم إن شاء الله عن حكم تسمية المولود في الإسلام.
وهذا الباب ينقسم الكلام فيه على خمسة أمور اختصارًا لأمور كثيرة تكلم عليها العلماء وأفاضوا فيها، فاختصرتها في هذه الأمور الخمس:
أولها: وقت التسمية، فمتى يسمى المولود؟ وجاء في ذلك أحاديث ما يقتضي جواز تسميته يوم ولادته وبعد ثلاثة أيام، ويوم سابعه يوم العقيقة عنه.
أما ما جاء في جواز تسميته يوم ولادته ففي الصحيحين عن أبي موسى رضي الله عنه، وقد تقدم الحديث في الجمعة الماضية قال: "ولد لي مولود فأتيت به النبي فسماه إبراهيم وحنكه بتمرة".
وكما أن التحنيك لا يكون إلا بعد الولادة مباشرة وقبل أن يصل إلى جوف المولد شيء، فذكر التسمية معه يفيد حصول ذلك يوم ولادته.
وفي صحيح مسلم من حديث سليمان بن المغيرة عن ثابت عن أنس رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((ولد لي الليلة مولود فسميته باسم أبي إبراهيم عليه السلام)).
وأما ما جاء في تسميته بعد ثلاثة أيام فقد أجاب الإمام أحمد رحمه الله وأفاد بأن ثابتًا روى عن أنس أنه يُسمى بعد ثلاثة أيام وأمّا ما جاء في تسميته يوم سابعه فقد مرّ بنا حديث سمره ابن جندب، وفيه أنه عليه الصلاة والسلام قال: ((يعق عن المولود ويسمى ويحلق رأسه يوم سابعه)).
وقد جمع ابن القيم رحمه الله بين هذه الأخبار فقال: "إن التسمية لما كانت حقيقتها تعريف الشيء المسمى لأنه إذا وجد وهو مجهول الاسم لم يكن له ما يقع تعريفه به، جاز تعريفه يوم وجوده،وجاز تأخير التعريف إلى ثلاثة أيام، وجاز إلى يوم العقيقة عنه، ويجوز قبل ذلك وبعده والأمر فيه واسع. والحاصل أن هذا المولود الذي ولد لا بد أن يعرف باسم خاص به فيمكن بناءًا على ذلك أن يُعرف في يوم وجوده، يقال هذا فلان، ومن الممكن أن يؤخر إلى ثلاثة أيام عملاً بحديث أنس أو إلى سبعة أيام عملاً بحديث سمرة، والأمر في ذلك كما قال رحمه الله.
والأمر الثاني من الأمور التي يتكلم من خلالها عن التسمية:
بيان ما يستحب من الأسماء وما يحرم منها وما يُكره، وهذا باب عظيم يحتاج من المسلمين إلى أن يعتنوا به غاية العناية، فقد شاع في المسلمين مما يحرم من الأسماء الكثير والكثير، ولا ينتبهون إلى ما جاء عن الرسول في هذا الباب.
فقد روى أبو داود بإسناد حسن عن أبي الدرداء رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((إنكم تدعون يوم القيامة بأسمائكم وأسماء آبائكم فأحسنوا أسماءكم)).
فينبغي على الوالد أن يُحسن اختيار أسماء أولاده لأنهم يدعون بها يوم القيامة، ويدعون بأسماء آبائهم ومن ثم لا ينبغي أن يُدعى يوم القيامة باسم محرم أو قبيح سُمي به في الدنيا.
وأمّا فيما يتعلق بالمستحب من الأسماء:
فكل ما أضيف إلى الله عز وجل وعُبِّد لله عز وجل أو سُمِّى بأسماء الأنبياء فإنه حسن، اتفق العلماء على استحسان تلك الأسماء: كعبد الله وعبد الرحمن ونحو ذلك، وكأسماء الأنبياء كمحمد وإبراهيم وموسى وعيسى ونوح ونحوهم من أسماء الأنبياء صلوات الله عليهم.
وقد روى مسلم في صحيحه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قال رسول الله : ((إن أحب أسمائكم إلى الله عبد الله وعبد الرحمن))، وقال في حديث أبي وهب الحشمي قال عليه الصلاة والسلام: ((تسموا بأسماء الأنبياء)). فكل ما أضيف إلى الله تعالى أو رُوِعي فيه أن يكون موافقًا لاسم نبي فهو حسن.
وأما ما يحرم من الأسماء: فيحرم كل ما عُبِّد لغير الله تبارك وتعالى، كعبد العزى وعبد الكعبة وعبد عمرو وعبد هبل ويدخل فيها طبعًا قياسًا عليها ما لم يكن معروفًا سابقًا وعرف بعد انقضاء قرون الخير الثلاثة الأولى، كعبد الرسول وعبد النبي وعبد الحسين، وغير ذلك من الأسماء التي تُعبّد لغير الله عز وجل.
ويدخل في الأسماء المحرمة ما يُسمى: بملك الملوك أو سلطان السلاطين أو شاه شاه، بل يحرم تسمية أحد بهذا الاسم أن يكون اسمه المعروف به ملك الملوك أو سلطان السلاطين أو شاه شاه.
لما جاء في الصحيحين من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله : ((إنّ أخنع اسم (وفي رواية: أخنى وأضع بمعنى أوضع وأحط) إن أضع اسم عند الله تبارك وتعالى رجل تسمى ملك الملوك، وفي رواية لمسلم (لا ملك إلا الله).
وفيما يدخل في التحريم كذلك أن يُسمى أحد: سيّد الناس أو سيّد الكل. قياسًا على سيد ولد آدم؛ فإنها لا تحل إلا لرسول الله ، هذه التسمية سيد ولد آدم خاصة به عليه الصلاة والسلام فيُمنع منها كل أحد. أما أن يقال له ذلك من باب الإطراء أو المدح أو المداعبة من غير أن يُسمى بذلك، فيقال له يا سيد الكل مثلاً أو يا سيد الناس كأن يقول الرجل لابنه ذلك مداعبة أو لابنته يا سيدة الكل أو نحو ذلك، فإن ذلك لا يدخل في التحريم ويمنع أن يطلق هذا الاسم عليه، وأن امتُنع من إطلاق الاسم أو حتى المداعبة بمثل هذه الألفاظ، فرارًا من الدخول في التحريم لكان أحسن وأوجه.
وأما ما يكره فيمكن حصره تحت سبعة أنواع من الأسماء المكروهة:
أولها: ما جاء النص به عن رسول الله ويقاس على ما جاء به النص أسماء أُخر:
فقد روى مسلم في صحيحه عن سمرة بن جندب رضي الله عنه أن رسول الله قال: ((لا تُسمين ولدك يسارًا ولا رباحًا ولا نجاحًا ولا أفلح؛ فإنك تقول: أثم هو؟ فلا يكون، فيقال: لا)) إذن فالعلة في ذلك أن القلوب تشمئز عندما يسأل أحدنا عمن يسمى بيسار أو رباح أو نجاح أو أفلح، فيرد عليك أحدهم مجيبًا لا، فتتشاءم أو تتطير أو تشمئز من الإجابة، بل ويقع في نفسك عدم وجود اليسار أو الفلاح أو النجاح أو نحو ذلك، فلذلك كره ذلك ولم يحرم بسبب ما قد يوقعه في القلوب من الاشمئزاز والتطير، وتدخل في باب المنطق المكروه، ولا أريد بكلمة المنطق إذا رددتها في هذه الخطبة المنطق المعروف الذي هو قسيم الفلسفة وهذه العلوم، إنما أريد المنطق أي النطق، فهذه تدخل في ضمن المنطق المكروه ويقاس عليها: سرور وخير ونعمة ومبارك ومفلح، كما قال العلماء من باب اشمئزاز القلوب وتطيرها إذا سُئل عن هذه الأسماء فأجيب بعدم وجودها.
ويكره أيضًا التسمية بالأسماء التي فيها تزكية للنفوس أن يسمى الولد أو البنت باسم فيه تزكية لصاحبه كما جاء في صحيح البخاري وأبي داود عن أبي هريرة أن زينب كان اسمها (بَرّة) من البر فغيره النبي إلى زينب وقال في رواية أبي داود ((لا تزكوا أنفسكم الله أعلم بأهل البر منكم)).
ثم ننتقل إلى النوع الثاني من أنواع الأسماء المكروهة وهو التسمية بأسماء الشياطين، وورد في ذلك أسماء في السن كشيطان الصلاة وشيطان الوضوء والماء ونحو ذلك.
ورد تسمية شيطان الصلاة خنزب، والولهان شيطان الوضوء، والأجزع والأعور هذه أسماء شياطين يكره ما اسمك؟ قال: مسروق ابن الأجدع. فقال له عمر رضي الله عنه: سمعت رسول الله يقول: ((الأجدع شيطان)).
والنوع الثالث من أنواع الأسماء المكروهة:
يكره أن يسمى الولد بأسماء الفراعنة والجبابرة، كفرعون وهامان وقارون؛ لأنها أسماء أناس عذبهم الله تبارك وتعالى ونتظرهم من العذاب يوم القيامة ما لا يعلمه إلا الله عز وجل جزاءً وفاقًا على عتوهم وكفرهم.
وتكره التسمية أيضًا بأسماء الملائكة كجبريل وميكائيل وإسرائيل، وقد أورد البخاري في تاريخه حديثًا فيه: ((ولا تسموا بالملائكة)) [أخرجه البخاري في التاريخ الكبير 5/35، والبيهقي في شعب الإيمان 6/394، وقال البخاري في إسناده نظره، وقال الألباني في ضعيف الجامع (3283): ضعيف جدًا] وقال: لا يصح هذا الحديث بغير هذا الإسناد، يعني الصحيح فيه إسناده الذي عنده في التاريخ ولا يصح إسناده بغير هذا الإسناد.
كما أن تسمية الأولاد بهذه الأسماء قد تعرض هذه الأسماء للامتهان، فيُلعن الولد أو يشتم بهذا الاسم اسم الملك الذي تسمى به، ولا يُحترم فمن هنا كُره وإلا فإن احترم فقد خرج من هذه الكراهة، ثم إن من أنواع الأسماء المكروهة أيضًا الأسماء التي لها معان تكرها النفوس ولا تلائمها، وهذا النوع أطيل فيه الكلام شيئًا ما، أكثر من الأنواع السابقة لأنه ، وقد كان عليه الصلاة والسلام يشتد عليه الاسم القبيح ويكرهه جدًا من الأشخاص والأماكن والقبائل والجبال.
وهذه الأسماء كحرب ومُرة وكلب وحية ونحو ذلك.
وقد مَرّ عليه الصلاة والسلم في مسير له بين جبلين فقيل له: أحدهما اسم فاضح والآخر اسمه مُخزِ فعدل عليه الصلاة والسلم عن المسير بينهما.
ولا يتصورن أحد أن هذا يدخل في باب التشاؤم، إنما يدخل في اختيار الأسماء الطيبة والتفاؤل بها، فإنه لما لم تكن هذه الأسماء طيبة فعُدل عنها للمسير في طريق يحمل اسمًا طيبًا، وهذا أمر فيه وجاهه لمن تأمله، فكان عليه الصلاة والسلام يكره هذه الأسماء القبيحة، وتشتد عليه جدًا.
وقد أورد مالك في موطئه أثرًا أن النبي أمر بشاة أن تُحلب فقام رجل يريد أن يحلبها فقال له عليه الصلاة والسلام: ((ما اسمك؟)) فقال:مُرّة، قال: ((اجلس))، فقام آخر: فقال: ((ما اسمك؟)) قال: حرب، قال: ((اجلس))، فقام ثالث: فقال: ((ما اسمك؟)) قال: يعيش. قال: ((احلبها)).
فكان عليه الصلاة والسلام يحب الأسماء التي فيها الخير، ويشتد عليه جدًا الأسماء القبيحة، ومن تأمل ذلك وجده كثيرًا في حال النبي ؛ فإنه قال عن بعض القبائل: ((أسلم ـ قبيلة أسلم ـ سلّمها الله، وغِفار غفر الله لها، وعُصيّة عصت الله ورسوله))، وقال يوم صلح الحديبية لما تقدم سهيل ابن عمر وليتولى الصلح مع النبي ، قال عليه الصلاة والسلام: سهل أمركم، وقال لبريدة ابن الحصين الأسلمي لما قدم عليه مُسلمًا: ما اسمك؟ قال: بريدة. قال: يا أبا بكر برُد أمرنا. ثم قال له ممن؟ قال: من أسلم. قال له: يا أبا بكر سلمنا. قال له ممن أيضًا من أسلم؟ قال: من أسلم، قال: من سهم. قال عليه الصلاة والسلام: ((خرج سهمك)) وهذا كثير لمن تأمله في السنة وجده جليًا وواضحًا، ومن أراد أن يعرف تأثير الأسماء في مسمياتها، للاسم تأثير في مُسماه، فإن سَمّيت ولدك باسم قبيح كان له تأثير في شخصه.
ويدل على ذلك ما رواه البخاري بإسناده إلى سعيد بن المسيب في صحيحه: سعيد بن المسيب بن حَزن، أن جده حَزنا أتى إلى النبي فقال له النبي عليه الصلاة والسلام: ((ما اسمك؟)) فقال: حَزن، فقال: ((بل أنت سهل)) نغير اسمك من حَزن إلى سهل. فقال حَزن: لا أُغير اسمًا سمّانيه أبي. قال سعيد حفيده: فما زالت تلك الحزونة فينا بعد. الحزونة ورثناها عن جدنا الذي رفض أن يُغير اسمه من حزن إلى سهل. الحزونة يعني الغلظة. فما زالت تلك الحزونة نجدها في أنفسنا، وهذا من تأثير الأسماء في مسمياتها.
وقد روى مالك في موطئه عن يحيى ابن سعيد ورواه الشعبي أيضًا عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أنه قال لرجل: ما اسمك؟ فقال له: جمرة. فقال: ابن من؟ قال: ابن شهاب. قال: ممن؟ قال: من الحرقة. قال: أين مسكنك؟ قال: بحرة النار. قال: بأيتها؟ قال: بذات لظى. قال عمر رضي الله عنه: أدرك أهلك فقد هلكوا واحترقوا. وكان الأمر كما قال عمر رضي الله عنه.
وهنا يقول ابن القيم رحمه الله: "وقد استشكل هذا من لم يفهمه، كيف يعيش هذا الرجل فترة من زمانه واسمه لم يتغير ولم يتسم به لحظة قال عمر هذا الكلام. اسمه جمرة بن شهاب من الحرقة يسكن في حرة النار بذات لظى. كيف يحصل ذلك له عندما سأله عمر عن اسمه؟! قال: وليس بحمد الله مشكلاً (ابن القيم يقول هذا).
وليس بحمد الله مشكلاً فإن الوجه موجبًا له، وأخّر اقتضاءها لأثرها إلى أن تكلم به من ضُرِبَ الحق على لسانه، وكان الملك ينطق على لسانه، وهو عمر رضي الله عنه، أخر سبحانه اقتضاء هذه المناسبات (التسمية بهذه الأسماء القبيحة)، أخر اقتضاءها لأثرها، إلى أن سأل عمر فأجيب فتكلم بما تكلم به عمر رضي الله عنه؛ لأن الله ضرب الحق على لسانه، وكان الملك ينطق على لسانه، كما جاء ذلك عنه ومن مناقبه، فحين اجتمعت رتب سبحانه عليها الأثر، ومن كان له في هذا الباب فقه نفس انتفع به غاية الانتفاع؛ لأن البلاء موكل بالقول. إذا قلت قد يقع البلاء موكلاً ومرتبًا على قولك أنت، فحفظ المنطق وتخير الأسماء من توفيق الله للعبد، وقد أخرج ابن عبد البر هذا كله في استذكاره، وروى عن النبي قوله: ((البلاء موكل بالقول)) ولهذا كان أبو بكر يتأمل كثيرًا ويتمثل كثيرًا بالبيت الذي يقول
احذر لسانك أن تقول فتُبتلى…إن البلاء موكل بالمنطق
ومن هنا نسمع كثيرًا من الناس يقول أحدهم: أشعر بأن هذه السنة لن تمر بخير عليّ، لن تمر هذه السنة وأنا بخير أبدًا، أو يقول مثلاً:أشعر أنني سأبتلى ببلاء عظيم، ومصيبة تقصم فقار ظهري، وأشعر أن هذا الولد سيكون فاسقًا فاسدًا عاتيًا مجرمًا، وأشعر أن هذه البنت لن يكون فيها خير ونحو هذا من الكلام. وإن البلاء متوقف على مثل هذه الأقوال، إن قيلت وقع بسببها البلاء، وله بذلك اتصال وتعلق، ومن البلاء الحاصل بالقول قول الشيخ البائس ـ نضرب مثلاً بوقوع البلاء على القول وترتبه عليه ـ ومنه قول الشيخ البائس الذي عاده النبي فقال له النبي والرجل مريض: ((لا بأس طهور إن شاء الله)) ـ وقد كان مصابًا بالحمى ـ فقال له الرجل: بل حُمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور، فقال له النبي : ((فنعم إذن)).
أنت وشأنك، وأنت وما تراه. أنا أقول لك لا بأس طهور إن شاء الله، وأنت تقول حُمى تفور على شيخ كبير تزيره القبور، فأنت وما تراه.
والحاصل أن هذا أمر ينبغي أن يهتم به الناس وأن يلتفت إليه وأن يعتنوا به غاية العناية، فإنه مهم، ومن كان له فقه نفس كما قال ابن القيم رحمه الله انتفع به غاية الانتفاع. وإنه ليقول: "وإنا لرأينا من ذلك عبرًا فينا وفي غيرنا، والذي رأيناه قطرة في بحر، أن يقول الإنسان كلامًا فيُبتلى بسبب كلامه ويكون البلاء مناسبًا لما قاله من الكلام السيء، ومن الكلام القبيح، الذي تكلم به عن نفسه أو توقعاته لنفسه، فلا ينبغي أن يقول المرء إلا خيرًا عملاً بقول رسول الله : ((من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليقل خيرًا أو ليصمت)).
والنوع السادس الذي يدخل في أنواع الأسماء المكروهة:
التسمية بأسماء الرب تبارك وتعالى: الأحد والصمد؛ فإن هذا لا ينبغي إلا لله تبارك وتعالى، وأما الإخبار عن الإنسان بأنه سميع أو بصير أو رؤوف رحيم، وهي من أسماء الله عز وجل فهذا ليس مكروهًا. أن تقول: أن فلان سميع، أو أنه رؤوف بالناس رحيم بهم، أو أنه بصير بحاله وحال من معه.
أما أن يسمى بها فيقال له: يا سميع يا بصير يا رؤوف تعال. يا رحيم اذهب، فهذا مكروه لنفس الأمر الذي تكلمنا عليه في التسمية بأسماء الملائكة، وهو تعريض هذه الأسماء للامتهان ونحو ذلك.
وتكره أخيرًا التسمية بأسماء سور القرآن الكريم: كطه وياسين وحم، وليس الأمر كما هو مشهور عن العوام من أن الرسول له من الأسماء طه وياسين، فليس في ذلك حديث صحيح ولا حسن ولا مرسل ولا أثر عن صحابي، لا يسمى النبي بهذه الأسماء. ليس من أسمائه طه وياسين، وإنما هي حروف كـ(ألم) و(ألر)، ونحوها. أقول قول هذا وأستغفر الله لي ولكم.