تستغرب جماعة الإخوان المسلمين ما ورد من أنباء في وسائل الإعلام المختلفة حول توجيه جهات أمريكية الشكرَ إلى جماعة الإخوان المسلمين في مصر على ما أسمته موقفًا بنَّاءً ومسئولاً من جانب الجماعة تجاه قضية المنظمات غير الحكومية، والذي تم تأويله وقراءته في الإعلام المحلي على أساس أن جماعة الإخوان قد قامت بوساطة ما أو بالتدخل لدى الجهات المصرية المعنية أو الجهات التي تدير المرحلة الانتقالية لصالح رفع حظر السفر عن الأجانب المتهمين في هذه القضية.
إن مصدر هذا الاستغراب هو أن جماعة الإخوان المسلمين لم يكن لها أن تسمح لنفسها بأي حالٍ بالتدخل في شأن ينظره القضاء المصري؛ حرصًا على استقلال القضاء واحترامًا للقضاء المصري الشامخ.
وقد نوّهنا إلى أن الجماعة قد أصدرت بيانها تعليقًا على هذا الأمر يوم 20 فبراير الماضي، والذي جاء فيه ما نصّه كالتالي: "تفاعلت قضية التمويل الأجنبي لمنظمات المجتمع المدني في الساحة، وارتفعت نبرة التهديدات الأمريكية بقطع المعونة، وربما بتوتر العلاقة بين البلدين، ونحن نرى أن هذه القضية طالما أصبحت في ذمة القضاء فلا يصح لأحدٍ مصري أو أجنبي أن يتدخل فيها، خصوصًا أن قضاءنا قضاء شامخ نزيه يحظى منَّا بكل الثقة، كما أننا في نفس الوقت ندعم منظمات المجتمع المدني التي تستهدف مصالح البلد، وتتبنى أجندةً وطنيةً، ولا تخضع لابتزاز أو أهداف خارجية، وتحترم القانون وتلتزم بالشفافية".
ومن هنا، فإن جماعة الإخوان المسلمين تكون قد أوضحت بالكامل حياديتها تجاه المسألة في إطارها القانوني والقضائي؛ حيث إنها لا تتدخل في شئون القضاء ولا تُعلِّق على أية أحكام أو إجراءات قضائية.
ومن ثَمَّ فإن الجماعة تنفي نفيًا قاطعًا أنها توسَّطت لصالح السماح لهؤلاء المتهمين الأجانب بالسفر من قريب أو بعيد، كما أنها تستنكر بكل شدة أية ضغوط- داخلية أو خارجية- قد تكون مورست على الهيئة القضائية التي كانت تنظر هذه الدعوى.
ومن جهةٍ أخرى فإن جماعة الإخوان قد عبَّرت منذ مرحلةٍ مبكرةٍ وبوضوحٍ عن انحيازها الواضح والتام تجاه مسألة إتاحة الحرية وضمان الاستقلال للمنظمات غير الحكومية كأحد أهم عناصر وفواعل التحول الديمقراطي والتحرك التنموي في مصر.
وقد أكدت الجماعة في أكثر من مناسبة دعمها لدور المنظمات الأهلية وغير الحكومية، وطالبت منذ فترة بعيدة بمراجعة شاملة للقوانين الاستثنائية والمقيدة للحريات، ومنها القوانين الحالية التي تنظم عمل مثل هذه الجمعيات الأهلية والمنظمات غير الحكومية.
وقد تعهَّدت جماعة الإخوان المسلمين والبرلمانيون من حزب الحرية والعدالة بالعمل المشترك، وفي إطارٍ من التشاور الواسع مع كل القوى الوطنية في مصر لصياغة قانون يمنح الحرية والشرعية لمنظمات المجتمع المدني دون قيود تحت سقف المصلحة الوطنية للشعب المصري.
إنَّ مثل هذا الموقف هو ما نعتبره موقفًا بنَّاءً ومسئولاً، لكن أي موقفٍ آخر تدخل فيه عناصر الوساطة والمساومة والتفاوض السياسي في شأن منظور أمام القضاء لا يمكن اعتباره بنّاءً أو مسئولاً بأي حالٍ من الأحوال.
ومن هنا تؤكد الجماعة عدم صحة تدخُّلها بأي صورةٍ من الصور في هذه القضية، وأنها لم تقم بأي وساطةٍ أو تحرك لرفع منع السفر المفروض على الأجانب المتهمين في هذه القضية.
إننا نؤكد أن جماعة الإخوان تنطلق من المبادئ الإيمانية والإنسانية والوطنية، وتقوم بتغليب هذه المبادئ على أية اعتبارات أخرى.
إننا نؤكد ضرورة حماية وضمان حرية حركة الناشطين في المجتمع المدني، وفي الفضاء السياسي كله، في ظلِّ الإطار الإجرائي القانوني المعمول به في مصر، ويظل هذا هو موقفنا المبدئي، رغم أن بعض الدول الغربية والجمعيات التي تموّلها قد تجاهلت في كثيرٍ من الأحيان- في ظل نظام مبارك- الكثير من وقائع قمع الحريات والملاحقات الأمنية والإجراءات التعسفية التي تعرَّضت لها جماعة الإخوان وكل حركات الاحتجاج والمعارضة المصرية التي واجهت قمع نظام مبارك وتسلُّطه.
القاهرة في 9 من ربيع الآخر1433هـ= الموافق الثاني من مارس 2012مhttp://www.ikhwanonline.com/new/Arti...2579&SecID=211