بـريـق مـن الـحـب
==========
فى يوم بعد زواجى بفترة طويلة .. اتصلت بأمى ودعوتها إلى العشاء
سألتني: "هل أنت بخير ؟"
لأنها غير معتادة على مكالمات متأخرة نوعاً ما وتقلق .. كما انها غير معتادة على أن ادعوها للخروج معى بسبب مشاغل العمل وزحمة الحياة والمسؤليات
فقلت لها:
"نعم أنا بخير ولكني أريد أن أقضي وقت معك يا أمي".. فكرت قليلاً ثم قالت: "أحب ذلك كثيراً".
في يوم الخميس وبعد العمل، مررت عليها وأخذتها، وعندما وصلت وجدتها قلقة، كانت تنتظر عند الباب مرتدية ملابس جميلة ويبدو أنه آخر فستان قد اشتراه أبي قبل وفاته.
ابتسمت أمي كملاك وقالت: "قلت للجميع أنني سأخرج اليوم مع إبني، والجميع فرح، وينتظرون الأخبار التي سأقصها عليهم بعد عودتي"
ذهبنا إلى مطعم جميل وهادئ تمسكت أمي بذراعي وكأنها السيدة الأولى .. بعد أن جلسنا بدأت أقرأ قائمة الطعام حيث أنها لا تستطيع قراءة إلا الأحرف الكبيرة
وبينما كنت أقرأ كانت تنظر إلي بابتسامة عريضة على شفتاها المجعدتان وقاطعتني قائلة: "كنت أنا من أقرأ لك وأنت صغير".
أجبتها: "حان الآن موعد تسديد شيء من ديني .. ارتاحي أنتِ يا أماه"
تحدثنا كثيراً أثناء العشاء لم يكن هناك أي شيء غير عادي، ولكن قصص قديمة على قصص جديدة لدرجة أننا نسينا الوقت إلى ما بعد منتصف الليل .. وعندما وصلنا إلى باب بيتها قالت: "أوافق أن نخرج سوياً مرة أخرى، ولكن على حسابي" .. فقبلت يدها وودعتها ".
بعد أيام قليلة ..... توفيت أمي بنوبة قلبية
وبعد عدة أيام وصلني عبر البريد ورقة من المطعم الذي تعشينا به أنا وهي مع ملاحظة مكتوبة بخطها: "دفعت الفاتورة مقدماً كنت أعلم أنني لن أكون موجوده، المهم دفعت العشاء لشخصين لك ولزوجتك. لأنك لن تقدر ما معنى تلك الليلة بالنسبة لي .. أحبك يا ولدي"
**************************************************
بعد قرائتى لهذه القصة .. تذكرت قصة من سأل عبدالله بن عمر وهو يقول: أمي عجوز لا تقوى على الحراك وأصبحت أحملها إلى كل مكان حتى لتقضي حاجتها .. وأحياناً لا تملك نفسها وتقضيها علي وأنا أحملها .. أتراني قد أديت حقها ؟
فأجابه ابن عمر: ولا بطلقة واحدة حين ولادتك .. تفعل هذا وتتمنى لها الموت حتى ترتاح أنت وكنت تفعلها وأنت صغير وكانت تتمنى لك الحياة"
في هذه اللحظة فهمت وقدرت معنى كلمة "حب" أو "أحبك" .. وما معنى أن نجعل الطرف الآخر يشعر بحبنا ومحبتنا هذه
لا شيء أهم من الوالدين وبخاصة الأم .. فإمنحهم الوقت الذي يستحقونه .. فهو حق الله وحقهم وهذه الأمور لا تؤجل.
..