Feb
17
2011
لا يمكن أن يكون هناك أدنى شك في أن آل مبارك هم أكبر الخاسرين من الثورة
تحدثنا بالأمس عن الرابحين من ثورة 25 يناير؛ وفقاً لتقرير صحيفة فورين
بوليسي الأمريكية.. وسنتحدث اليوم عن الخاسرين من الثورة، ومَن وصفَتهم
بالفئة التي لم يتضح عليها أثر الثورة بعدُ، من وجهة نظر المجلة.
سنبدأ بالحديث عن الخاسرين من ثورة 25 يناير الذين صنّفتهم المجلة كالآتي:
آل مبارك
ليس
حسني مبارك هو الخاسر الوحيد في عائلته؛ بل معه ابنه جمال، الذي كان من
المرجّح أن يكون رئيساً قادماً للبلاد، كما أن قادة مصر القادمين من الممكن
أن يتعقّبوا ثروة آل مبارك التي تقدّر بثلاثة مليار دولار تقريباً (حسب ما
ذكرته المجلة)، ولا يمكن أن يكون هناك أدنى شك في أن عائلة مبارك هي أكبر
الخاسرين في الأحداث التي جرت خلال الأسابيع الثلاثة الماضية.
القاعدة
من
أهم ما يرسّخه تنظيم القاعدة، هو الإصرار والتصميم على أن الإرهاب والعنف
هما السبيل الأوحد لإحداث التغيير في العالم العربي، كما أن التنظيم يفضّل
أيضاً وضع حاجز ضد تدعيم الولايات المتحدة للأنظمة الدكتاتورية في العالم
الإسلامي، وعن طريق الإطاحة بمبارك من خلال مظاهرات سلمية، استطاع الشعب
المصري القضاء على أهم أهداف القاعدة.
كما جاءت مواقف إدارة الرئيس
الأمريكي باراك أوباما، التي كانت مؤيدة في نهاية المطاف للمتظاهرين، وتريد
إقصاء مبارك عن السلطة، معلنة دعمها الكامل لحركة الإصلاح؛ لتقوّض الخطة
الثانية التي تروّج لها القاعدة، بأن الولايات المتحدة تدعم الأنظمة
الديكتاتورية في العالم الإسلامي.
كما أن حركة الإصلاح الديمقراطي
الحقيقي ستؤدي بدورها لحدوث تحسينات مهمة داخل المجتمع المصري؛ مما يؤدي
إلى انخفاض نفوذ القاعدة بشكل كبير؛ لذا تعتقد المجلة الأمريكية أن هذا
الشهر ليس جيداً بالنسبة لأسامة بن لادن أينما كان.
السلام في الشرق الأوسط
لا
تستطيع إدارة أوباما إنكار حقيقة أن سياسة واشنطن في الشرق الأوسط خلال
العقود الأربعة الماضية قد انهارت بعد الثورة؛ إذ إنه ليس من الواضح بعدُ
كيف ستتعامل حكومة ما بعد مبارك مع إسرائيل، وحصار غزة، والتسليم
الاستثنائي (أي تسليم مجرمين مشتبه بهم لم تتمّ محاكمتهم بعدُ، إلى دول
خارج الولايات المتحدة لإجراء تحقيقات معه أو سجنهم)؛ حيث تعتقد المجلة أن
الحكومة المصرية الجديدة ستكون أقل تبعية -في سياساتها بشأن هذه القضايا-
مما كانت عليه في النظام السابق، وهو ما يعني أن على الولايات المتحدة
إعادة النظر في سياساتها تجاه مصر والشرق الأوسط؛ بحيث تكون سياساتها أكثر
مرونة ودقة عما كانت عليه من قبل.
كما تريد الولايات المتحدة أن
تضع السياسات في الشرق الأوسط في أيدي أناس يتميزون بخيال ليس له حدود، وأن
يكونوا من ذوي المبادئ، ومنصفين، وعلى دراية عميقة بطبيعة المجتمعات
العربية، وعلى استعداد لإعادة النظر في سياسات الماضي الفاشلة.
جماعة الإخوان المسلمين
على
الرغم من كل الاهتمام الذي حظيت به جماعة الإخوان المسلمين مؤخراً؛ فإن
رحيل مبارك قد حدّ من وضعها الحالي في مصر؛ إذ إنها حصلت على نسبة 20% من
أصوات الناخبين خلال انتخابات 2005؛ ولكن جاء ذلك على خلفية أنها تكاد تكون
البديل الوحيد لحزب مبارك الحاكم.
لكن بمجرد أن يتمّ السماح بتشكيل
أحزاب سياسية أخرى تتنافس فيما بينها على أساس التعددية الحزبية، سيكون من
المرجّح أن تنخفض نسبة التأييد للإخوان، إذا لم تتمكن من إعادة تنظيم
نفسها بطريقة تتوافق مع الشباب المصري.
ومن المفارقات أن كلاً من
مبارك وجماعة الإخوان المسلمين، ربما يكون جزءاً من ماضي مصر، أكثر من أن
يكونا عنصرين مؤثرين في مستقبل مصر.
الفلسطينيون
الانقلاب
الذي حدث في مصر يجلب أخباراً سيئة للفلسطينيين على المدى القصير؛ لأن
الدول الأخرى ستوليهم اهتماماً أقل مما اعتادت عليه؛ إذ إن إسرائيل ستكون
أقل اهتماماً بتقديم تنازلات بإمكانها الحدّ من هذا الصراع، كما أن
الولايات المتحدة ستكون أقل حماساً للضغط الحقيقي على إسرائيل من أجل الحدّ
من هذا النزاع.
بينما على المدى البعيد؛ فقد تكون هناك فائدة من
رحيل مبارك؛ خاصة إذا اتخذت الحكومة الجديدة موقفاً أكثر نشاطاً ضد قوات
الاحتلال. وترى المجلة أنه إذا احتذت السلطة الفلسطينية ما حدث في مصر،
وتصالحت مع حركة حماس، وسَعَت لإجراء انتخابات جديدة، ربما نشهد ظهور أكثر
حركة وطنية فلسطينية مشروعة.
أما الفئة التي لم يتّضح عليها أثر الثورة بعد فهي:
الأنظمة العربية الدكتاتورية
يقول
كاتب التقرير بالمجلة: "إذا كنت ملكاً أو دكتاتوراً عربياً مثل الرئيس
السوري بشار الأسد، لما كنت سعيداً أبداً بما حدث في مصر"؛ ولكن على المدى
القصير؛ فإن مستقبل مثل هذه الأنظمة الدكتاتورية يعتمد على كيفية تتطور
الأوضاع في مصر فيما بعد، ومدى استجابة القيادات القائمة لمطالب التونسيين
والمصريين.
فإذا تدهورت الأوضاع في مصر، أو إذا تمّ اختطاف الثورة
من قِبَل قوى ليست ذات كفاءة، أو فاسدة، أو متطرفة؛ فإن الشعوب العربية
الأخرى ربما ستكون أقلّ ميلاً في أن تحذو حذو مصر وتونس.
إسرائيل
ليس
هناك شكّ في أن رحيل مبارك زرع في قلوب الإسرائيليين الرعب؛ لأن مبارك كان
من أكثر المتعاونين معهم بشأن العديد من القضايا؛ خاصة القضية الفلسطينية.
وترى
المجلة أن رحيل مبارك يمكن أن يكون بمثابة "جرس الإنذار"؛ إذ إنه يُذكّر
الإسرائيليين بأن البيئة الإقليمية تتحول في غير صالحهم، وأن التفوق
العسكري ليس ضماناً لتهدئة الاضطرابات المدنية، ويذكّرهم رحيل مبارك أيضاً
بالازدراء العالمي لهم، وأن التوصّل إلى حل عادل مع الفلسطينيين هو الطريق
الأمثل لتأمين مستقبلهم على المدى البعيد، وما يحدّد فوز إسرائيل من
خسارتها بعد ثورة 25 يناير، هو كيفية اختيار إسرائيل للحلّ الأمثل.
الرئيس الأمريكي باراك أوباما
خلال
الأسبوعين الماضيين، كانت الإدارة الأمريكية تسير على ما وصفته المجلة
بـ"حبل مشدود"، وبشكل لم ينمّ في أغلب الأحيان عن مهارة، وكانت الإدارة
تسعى للتوصل إلى مخرج مناسب ليس شديد الحدة، يتبع سياسة العنف وجلب
المتطرفين للسلطة، ولا يكون شديد البرودة يرسّخ استقرار الوضع القائم دون
حدوث إصلاح.
وإذا تمّ تجنّب وصول قوة متطرفة إلى السلطة؛ فإن
أوباما وإدارته سيكونان جديرين بالإشادة بدورهما في ذلك، وإذا فَشِل أوباما
وإدارته؛ فربما سيخضعان لعاصفة من الانتقادات الشديدة؛ سواء بسبب خسارة
مصر، أو عدم تجاوبهما لمطالب العدالة والديمقراطية.. وتشير المجلة إلى أن
مثل هذه الانتقادات لن تكون عادلة تماماً؛ حيث إنه من الصعب لرئيس أن يتحكم
في أحداث تقع في دولة أخرى بعيدة كمصر، يصل عدد سكانها 85 مليون نسمة
تقريباً.
لمعرفة مَن هم الرابحون من الثورة اضغط هنا
وتؤكد المجلة الأمريكية في نهاية تقريرها أن بعض الفائزين اليوم من ثورة 25 يناير، ربما يكونون خاسرين غداً، والعكس بالعكس.