السؤال: هل صيام تارك الصلاة جائز صحيح؟
الجواب: الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على من أرسله الله رحمة للعالمين وآله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين أما بعد:
فلا
خلاف بين أهل العلم في عدم صحة صيام من ترك الصلاة منكرًا بفرضيتها جاحدًا
بوجوبها، لأنه كافر كفرًا مخرجًا من الملة قولاً واحدًا، وأعمال الكفار
تقع باطلة لأنَّ صحة العمل مشروط بالإيمان وهو -في هذه الحال- منتفٍ عنه،
قال تعالى:﴿وَقَدِمْنَا إِلَى مَا عَمِلُوا مِنْ عَمَلٍ فَجَعَلْنَاهُ هَبَاء مَّنثُوراً﴾ [الفرقان: 23]وقال تعالى: ﴿وَالَّذِينَ
كَفَرُوا أَعْمَالُهُمْ كَسَرَابٍ بِقِيعَةٍ يَحْسَبُهُ الظَّمْآنُ مَاء
حَتَّى إِذَا جَاءهُ لَمْ يَجِدْهُ شَيْئاً وَوَجَدَ اللَّهَ عِندَهُ
فَوَفَّاهُ حِسَابَهُ وَاللَّهُ سَرِيعُ الْحِسَابِ ﴾[النور: 39]، وقال تعالى: ﴿مَّثَلُ
الَّذِينَ كَفَرُواْ بِرَبِّهِمْ أَعْمَالُهُمْ كَرَمَادٍ اشْتَدَّتْ بِهِ
الرِّيحُ فِي يَوْمٍ عَاصِفٍ لاَّ يَقْدِرُونَ مِمَّا كَسَبُواْ عَلَى
شَيْءٍ ذَلِكَ هُوَ الضَّلاَلُ الْبَعِيدُ﴾ [إبراهيم: 18]
أمَّا
تارك الصلاة عمدًا وكسلاً وتهاونًا مع الإقرار بفرضيتها فحكمه مختلف فيه
بين أهل العلم بين مكفر له لورود نصوص شرعية تقضي بذلك وبه قال الإمام أحمد
وغيره، وغير مكفر لتاركه لوجود أدلة أخرى مانعة من تكفيره وبه قال مالك
والشافعي وأبو حنيفة وغيرهم، وتخريج هذه المسألة مردها إلى حكم تكفيره، فمن
كفر تارك الصلاة عمدًا وتهاونًا ألحقه بالمنكر لفرضيتها فلم يعتد بصيامه
وسائر أعماله -كما تقدم- لانتفاء شرط الإيمان الذي يتوقف عليه عمله وصيامه،
ومن لم يكفره عَدَّه مؤمنا عاصيًا، ولم يخرجه من دائرة الإيمان، وبناء
عليه تصح أعماله وصيامه لوجود الإيمان المشروط في الأعمال والعبادات.
والراجح
من القولين هو التفصيل، ووجهه أن من ترك الصلاة كلية ويموت على هذا
الإصرار والترك فلا يكون مؤمنًا ولا يصح منه صوم ولا عمل وهو المعبر عنه
بالترك المطلق، أما من يصلي ويترك فهذا غير محافظ عليها وليس بكافر، بل
مسلم يدخل تحت المشيئة والوعيد ويصح صومه وهو المعبر عنه بمطلق الترك
ويؤيده قوله صلى الله عليه وآله وسلم: "خمس
صلوات كتبهن الله على العباد في اليوم والليلة، فمن حافظ عليها كان له عند
الله عهد أن يدخله الجنة، ومن لم يحافظ عليهن لم يكن له عند الله عهد، إن
شاء عذبه وإن شاء أدخله الجنة"(١)، ولقوله صلى الله عليه وآله وسلم: "إنَّ أول ما يحاسب به العبد صلاته، فإن أتمها، وإلاَّ نظر هل له من تطوع، فإن كان له تطوع أكملت الفريضة من تطوعه"(٢) وهذا التفصيل من اختيارات شيخ الإسلام ابن تيمية(٣) رحمه الله-.
و العلم عند الله تعالى، وآخر دعوانا أن الحمد لله ربّ العالمين وصلى الله على محمد وعلى آله وصحبه وإخوانه إلى يوم الدين