في الثالث من أكتوبر من كل عام، تحتفل محافظة الوادي الجديد بالعيد القومي لها، وهو ذكرى وصول طلائع الخير والتعمير للمنطقة في عام 1959، حيث انطلقت شرارة البدء للعمل بكل قوة وإصرار لتعمير الصحراء وتحقيق التنمية الشاملة وكانت هي اولي هذه القوافل هي قافة سلاح المهندسين.
تُعد المحافظة من أكبر محافظات مصر مساحة وأقلها كثافة سكانية حيث تبلغ 44% من مساحة الجمهورية، وهي تضم النصف الجنوبي من الشطر المصري من الصحراء الغربية.
ويرجع أصل تسمية محافظة الوادي الجديد إلى إعلان الرئيس المصري الراحل جمال عبد الناصر عام 1958 عن البدء بإنشاء وادٍ موازٍ لوادي النيل، يخترق الصحراء الغربية لتعميرها وزراعتها على مياه العيون والآبار، وكانت تسمى قبل ذلك محافظة الصحراء الجنوبية حيث تم ذلك يوم 23 ديسمبر1958 بعد أن تقرر في ذلك الوقت البدء في تأسيس وادٍ جديد على امتداد وادي النيل وذلك باستصلاح الأراضي وزراعتها وفي عام 1961 تم إدراج الوادي الجديد رسميًا كمحافظة من محافظات جمهورية مصر العربية.
تقع محافظة الوادي الجديد في جنوب غرب الجمهورية وتشمل الأجزاء الجنوبية من الصحراء الغربية بنسبة 56% من مساحتها، وتشترك في الحدود الدولية مع ليبيا غربًا، والسودان جنوبًا أما حدودها فهي تشترك مع كردونات محافظتي الجيزة ومرسى مطروح شمالاً ومحافظات (المنيا ـ أسيوط ـ قنا ـ أسوان) شرقًا.
تضم المحافظة 4 واحات هي: الداخلة والخارجة والفرافرة و وباريس اما كمراكز ادارية في 5 مراكز بعد اضافة مركز بلاط والذي كان تابع للداخلة حتي عام 2011م
اما بالنسبة للقيمة التاريخية بها أكثر من ألف قطعة أثرية مابين فرعونية إلى رومانية إلى قبطية إلى إسلامية.
ومن أهم المحاصيل بالوادي الجديد هو البلح حيث يبلغ عدد أشجار النخيل أكثر من مليون نخله وكذلك محاصيل القمح والبصل والطماطم.
عرفت الواحات منذ أقدم العصور، فهي البوابة الرئيسية لحدود مصر الغربية والجنوبية ويمر بها أقدم طريق تجاري يربط مصر بالجنوب الإفريقي وهو طريق درب الأربعين الذي كانت تقطعه القوافل التجارية في أربعين يومًا.
وعرفت واحة الخارجة باسم "هبت" وتعني المحراث لكونها تشتهر بالزراعة، كما عرفت واحة الداخلة باسم "كنمت" بمعنى التربة السوداء أي أنسب أنواع التربة للزراعة. أما واحة الفرافرة فقد عرفت باسم "تا – أحت" أي أرض البقرة مما يدل على أن الواحات كانت أرض زراعية موفورة الخير في العصور القديمة .
وقد عاش الإنسان في هذه الواحات منذ عصور ما قبل التاريخ، ويدل على ذلك آثار جبل الطير بالخارجة وكهف جارة بالفرافرة. وفي العصور الفرعونية كانت الواحات من الأقاليم الهامة التي يحكمها فرعون مصر لكونها خط الدفاع الأول عن مصر من الناحيتين الجنوبية والغربية، وتظهر الآثار الفرعونية في مناطق متفرقة من الواحات لعل من أهمها معبد هيبس بالخارجة ومنطقة بلاط بالداخلة.
وفي عصر البطالمة كان للواحات دوراً هاماً في ازدهار الزراعة وتظهر آثارهم على طول درب الأربعين وأهمها معبد الغويطة . وجاء عصر الرومان الذين اهتموا بالواحات اهتماماً كبيراً لكونها غنية بالزراعة ووفرة المياه وتظهر آثارهم في معبد دوش ومعبد دير الحجر ومعبد الزيان .
وفي القرنين الثالث والرابع الميلادي، جاء إلى الواحات الكثير من المسيحيين الفارين من اضطهاد الرومان لعقيدتهم المسيحية وعاشوا فيها بسلام وخلفوا لنا آثارًا هامة تتمثل في منطقة البجوات بالخارجة .
وفي العصر الحديث وتحديدًا في الثالث والعشرين من ديسمبر 1958 أعلن الزعيم الراحل جمال عبد الناصر عن مولد الوادي الجديد وأنشئت الهيئة العامة لتعمير الصحاري عام 1959 ووصلت أول قافلة للتعمير في 3 أكتوبر 1959 واعتبر هذا التاريخ عيداً قومياً للمحافظة.
شاركت تلك القافلة في «إحياء الصحراء الغربية» وزارات البيئة والسياحة والثقافة، وهدفت إلى مواصلة التنمية السياحية والبيئية والتاريخية بواحات الوادي الجديد التي تنفرد بتنوع سياحي متميز، لا سيما في مجالات السياحة البيئية والعلاجية، إذ يوجد في المحافظة عدد من العيون الكبريتية الساخنة، فضلاً عن سياحة السفاري والمحميات الطبيعية ومنها محمية الجلف الكبير والصحراء البيضاء.
في هذه المناسبة قال مدير آثار الوادي الجديد بهجت أحمد إبراهيم: إن واحات مصر في الصحراء الغربية كانت آهلة بالسكان منذ آلاف السنين، فعاش فيها إنسان عصور ما قبل التاريخ منذ حوالي 5000 سنه ق.م، تاركاً آثاره في ربوع الواحات. فواحة الخارجة سميت بـ "الواحة العظمى"، لأنها كانت تشغل منخفضاً كبيراً في الصحراء وعاصمتها «هيبس»، والتي اشتق اسمها من كلمة "هبت" ومعناها المحراث.
وكانت الواحات الداخلة تسمى "كنمت" وعاصمتها "دس- دس" أي "اقطع- اقطع" بمعنى قطع الأرض وشقها لزراعتها، بينما عرفت الفرافرة باسم "تا-احت"أي"أرض البقر".
أضاف مدير الآثار، أنه في العصور الفرعونية كانت الواحات تمثل أهمية قصوى على اعتبار أنها خط الدفاع الأول عن مصر القديمة، لصدّها هجمات النوبيين من الجنوب والليبيين من الغرب. وكان الفراعنة يهتمون بتعمير المنطقة وتظهر آثارهم في مناطق عدة، وشهدت الواحات توافداً مسيحياً كثيفاً عندما بدأ اضطهاد الرومان لأقباط مصر، فعاش الأخيرون في هذه المنطقة على زراعة الأراضي حاصدين خيراتها، وتعد جبانة البجوات في شمال الخارجة أبرز دليل على هذا العهد.
تنتشر في أنحاء الوادي الجديد مناطق أثرية كثيرة تمثّل مختلف العصور التاريخية، ومن بينها منطقة آثار هيبس، معبد الناضورة، معبد الغويطة، معبد دوش، منطقة آثار البشندي، مصاطب بلاط الفرعونية، قرية بلاط الإسلامية، مدينة القصر الإسلامية، مقابر المزوقة، ومعبد دير الحجر.
يقول عباس احمد مياز من كبار قدامي رجال مدينة الخارجة بالوادي الجديد ومن اشهر جامعي التراث لها ان وسائل النقل قديما كانت هي الجمال والابل حتي عام 1912 م وهي بداية انشاء الانجليز لشركة للتنقيب عن المعادن والبترول بواحة الخارجة وكان يبدأ خط السكك الحديدية من مقر ناي المحافظة الاجتماعي الحالي وحتي منطقة المواصلة في فرشوط بمحافظة قنا وكان موعده مرة واحدة في الاسبوع ثم تم بعد ذلك الغاء هذا القطار حيث تم بيع هذه الشركة للحكومة المليكة المصرية في ذلك الوقت وبدا نظام الانتقال للواحات في عام 1940 بالاتوبيسات حتي العصر الحديث ولم يعد هناك قطار بالواحات.
وذكرت الروايات القديمة حكايات كثيرة عن نظام القضاء في الواحات الخارجة في العصور الإسلامية مع أن ذلك يطبق في هذا العصر وخصوصا صورة التشريع السماوي فإن الحكومة في ذلك الوقت رأت أن يكون تطبيقه موكولاً إلى رجال يعرفون عادات الأهالي وعُرْفهم لهذا عينت من نسل عبادة بن الصامت الخزرجي الأنصاري الذين استوطنوا الخارجة من الفتح الإسلامي والذين من نسلهم عائلة عمدة بلاط نواباً للشريعة، وذلك ليتمكنوا من التوفيق في أحكامهم بين القانون والعادة، ولم يعين لهم من غير أهلهم أحداً يقاضي بينهم، وقد جعل للأهالي حق الاستئناف إلى مجلس الشرع الشريف بمنفلوط.
استمرت هذه الطريقة حتى في عصر المماليك الذين لم يغيروا شيئاُ منها وكل ما فعلوه أنهم وضعوا بجانب كل نائب شرع نائباً عنهم يسمى "كاشفاً" لم يكن من اختصاصه إلا تحصيل الضرائب الأميرية وحفظ نظام الأمن العام.!
وقد كانت تستأنف الأحكام إلى مجلس الشرع بالداخلة حيث كانت الخارجة تحت حكم الداخلة وكانت كلتاهما جزءاً متمماً لولاية سميت "بالأشمونيين" ومنفلوط وجرجا والواحات.
وفي عصر العائلة العلوية صدر مرسوم من ساكن الجنان "محمد علي" نعرف منه ضمناً أنه يٌقر أهالي الخارجة على كل حقوق اكتسبوها أو أعطيت لهم وأصبحت عندهم بمثابة عادة وكان يقصد بذلك التمشي معهم بحسب ما ألفوه إذا أقر في هذا المرسوم حقاً اكتسبه فرد بحكم العادة وهذا منتهى حسن السياسة وبعد النظر، وإرضاء من له حق التوقيع عليها معه فكانت النتيجة اختلال في الأمن واضطراب في العمل وضياع لحقوق المتقاضين والمتخاصمين، مما اضطر الحكومة إلى أن تتلافاه باصدار ـ ديكريتوـ في 22 فبراير 1890م يخوله الحق المذكور.
ولم يكن هذا طبعاً كافياً فإن إرسال متخاصمين في مخالفة إلى جرجا أو أسيوط للمحاكمة أمر لايقبله العقل لهذا أصدرت الحكومة عام 1891م قانوناً خولت فيه لهذا المعاون الحق في ان يحكم نهائياً في قضايا المخالفات.
ثم رأت الحكومة بعد أن جعلت معاون الواحات من رجال الضبطية القضائية وبعد أن خولته سلطة الحكم في قضايا المخالفات، أنها لم توفق لما فيه راحة الأهالي إذ أنهم مازالوا يئنون من ضرر التشريع وبُعْد الجهة التي يتقاضون فيها، مما حرمهم من الحصول على حقوقهم، فلهذا وبعد التفكير سَنّتْ الحكومة قانوناً في سنة 1900م سد معظم هذا الفراغ تكونت بموجبه محاكم بالواحات، تتكون من المأمور أو المعاون بصفة رئيس ومن إثنين من الأعيان بصفة أعضاء، وخولت لهم سلطة لا بأس بها أراحت الأهالي من عناء السفر الطويل إلى أسيوط أو جرجا واختصت هذه المحاكم بما يأتي:
1- الحكم في جميع قضايا المخالقات حكماً نهائياً .
2- الحكم في قضايا الجنح المعاقب عليها بمقتضى المواد حكماً قابلاً للاستئناف بمديرية أسيوط.
3- الحكم في القضايا المدنية حكماً نهائياً وذلك في القضايا التي لا تتجاوز 1500 قرش.
4- الحكم في القضايا المدنية حكماً قابلا للاستئناف في القضايا التي قيمتها أكثر من 1500 قرش ولا تتجاوز 5000 قرش.
هذه هى المراحل التي مر بها التشريع بالواحات الخارجة.
ووظيفة القضاة الشرعيين يشغلها قضاة شرعيون من أبناء الواحات ويصدر بتعيينهم أمر من الباب العالي ويصرح لهم بتنفيذ الأحكام الشرعية من كتابة الحجج (العقود) والبيع والشراء وكافة أحكام وأعمال الشرع الشريف تنفيذاً للأحكام في مقابل دفع رسوم مثل ما يحدث في عملية التسجيل والتوثيق بالشهر العقاري اليوم، في مقابل أن يدفع القاضي الشرعي هذا مبالغ يحددها له الباب العالي كل عام , والقضاة يتغيرون من فترة إلى أخرى.، وبيانهم كالآتي للتعريف وليس للحصر:
· عام 948هجرية القاضي أبو الحسن فخر الدين.
· عام 1129هجرية، القاضي عبدالرحيم شعيب.
· عام 1138هجرية القاضي عبدالقادر يوسف الشافعي.
· عام1145هجرية القاضي عبدالقادر خزام.
· عام 1162هجرية،القاضي أبو الحسن أحمد شعيب.
· عام 1170هجرية،القاضي عبدالجواد عبدالله.
· عام 1175هجرية، القاضي على محمد نافع.
· عام 1179هجرية، القاضي عبدالحي أحمد.
· عام1188هجرية، القاضي مصطفى أحمد يوسف.
· عام 1199هجرية، القاضي محمد سلطان عبد القادر.
· عام1200هجرية، القاضي درويش صالح عبدالحي.
· عام1209هجرية، القاضي محمد رزق.
· عام 1215هجرية القاضي أحمد أبو الحسن أحمد شعيب.
· عام 1220هجرية، القاضي بلال عبد القادر خزام.
ومهنة القاضي الشرعي ظلت حتى عام 1885ميلادية والأحكام التي يصدرها القضاة الشرعيون كانت تنفذها المحاكم الأهلية والابتدائية ومحاكم النقض حتى عام 1885ميلادية.
وبعدها اقتصرت مهنة القاضي الشرعي على أحكام المواريث والطلاق والزواج حتى عام 1955ميلادية حتى ألغيت مهنة القاضي الشرعي وأصبحت المحاكم الأهلية هى المختصة.
· في عهد المماليك وضعوا بجانب كل قاضي نائباً عنهم من وادي النيل يسمى الكاشف وكان اختصاص هذا الكاشف هو تحصيل الضرائب وحفظ الأمن العام في البلد.
وكانت الخارجة تحت حكم الداخلة وكلتاهما جزء مكمل لولاية (سميت) بالأشمونيين وجرجا والواحات وكانت الضرائب تدفع من الأهالي حسب تعداد كل منزل من العائلات، ويطلق على ذلك (الاسدارية) وحق الطريق والكلفة والديوان السعيد، وكان الكاشف يجبي هذه الأموال بالقوة والضرب والتعذيب وكانت الجباية حسب تقدير لجنة يرأسها الكاشف واستمر الحال على هذا المنوال حتى عام 1200 هجرية تقريباً عندما أصبحت الواحات تابعة لمديرية أسيوط.
وفرضت في هذا الوقت ضريبة على قيراط المياة سنوياً والذي يخرج من كل بئر حوالي خمسين قرشاً وعلى كل نخلة مثمرة ضريبة 30 فضة يعني (سبعة مليم ونصف).