قصة الساحر
قرأت قصة عجبتنى فنقلتها للأفادة
قال الساحر للملك : يا مولاي كبرت سني، وقلت حركتي، وضعفت همتي، وبت أشعر أنني غير قادر على خدمتك، تلك الخدمة التي أرضى عنها، فابعث غلاماً أعلمه السحر، وأدرّبه عليه، فيكون في خدمتك.
فاختار الملك غلاماً ذكياً يعلمه الساحر علوم السحر وأفانينه.
كان الغلام يذهب إليه كل يوم، يأخذ فنون السحر بشغف، حتى وثق به الساحر، وجدّ في تعليمه.
ومضت الأيام والغلام منهمك في عمله الجديد، والملك يسأل الساحر عن تلميذه.
فيمدحه هذا: إنه ذكيّ نجيب، إنْ يثابر على همّته وطموحه يكن له شأن عجيب.
حين انطلق الغلام كعادته ذات يوم إلى الساحر، وكان في الوقت متّسع عرّج على القصر من طريق آخر يسلكه القليل من الناس، يشرف على وادٍ ذي رياض عامرة.
ـ ما أجمل هذا المكان ؟! ليتني أرتفع إلى الجبل قليلاً فأشرفَ على منظر أجمل وأبهى.
وارتفع،فصدق حدسُه. إن المكان يبدو أكثر تناسقاً، وأوضح منظراً .. جال ببصره هناوهناك، فرأى كوخاً في زاوية الطريق الملتوي الصاعد إلى القمّة، فحدّثتـْه نفسُه أن يأتيه مستكشفاً. فماذا يفعل أصحابه بعيداً عن الناس إلا إذا كانوايحبون العزلة، ويفضّلون الهدوء! لما وصله رأى فيه رجلاً تبدو عليه سيما الوقار والجلال، يشخص ببصره إلى السماء يدعو ويبتهل. فدنا منه يصغي إلى دعائه. فسمع قولاً يدل على حبّ وودّ، وذل وخضوع يوجّهه الرجل إلى محبوب لايراه الغلام، إنما يأنس إليه ويشعر بوجوده.
وحين أنهى الرجل دعاءه التفت إلى الفتى مبتسماً.
وقال: أهلاً بك يا بني، وهداك الله إلى الحق والإيمان.
قال الفتى: أي حقّ وأي إيمان تعنيه يا عمّاه ؟! .
قال الرجل: الإيمان بخالق السموات والأرض ومن فيهنّ، بارئ النسمة وفالق الحبّة.
قال الفتى: أتقصد الملك، يا عمّاه؟.
قال الرجل: حاشاه أن يكون كذلك، إنه مخلوق ضعيف، ممن خلقه الله، لا يملك لنفسه ضراً ولا نفعاً.
قال الفتى : إن الساحر أخبرني أن الملك إلهنا وخالقنا، والساحر يعلمني السحر كي أكون في خدمة الملك.
قال الرجل: وهل يحتاج الخالق إلى مخلوقه يا بنيّ؟! وكيف يكون إلهاً وهو يأكل ويشرب، وينام ويستيقظ ؟ إنه مثلك يا بنيّ. بل أنت أفضل منه، لأنه يحتاجك،ولا تحتاجه، وتخدمه، ولا يقدّم لك شيئاً.
نزل هذا الكلام في قلب الغلام منزلاً حسناً، فهو يخاطب الفطرة ويمازج العقل والقلب.
فقال له: علمني يا سيدي مما علمك الله.
فبدأ الراهب العابد يعلمه العقيدة الصحيحة، ويعرّفه بالله خالق الكون ومدبّر الأمر سبحانه.
وكثرتردد الفتى على الراهب في طريقه إلى الساحر، فكان إذا تأخر عليه ضربه. فشكا إلى الراهب ما يفعله الساحر به. فقال له: إذا خشيت الساحر فقل: أخّرني أهلي، وإذا خشيت أهلك فقل: أخّرني الساحر.
فبينما الفتى على ذلك، إذْ مرّ في طريقه على أناس وقفوا على الطريق لا يتجاوزونه خوفاً من دابّة عظيمة قطعت الطريق، وحبست الناس.
ونكمل قصتنا في الحلقة القادمة بعون الله.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ـــــــــــــــــــــــــــــــــ
القصة مأخوذة من حديث رواه الإمام مسلم، وأورده النووي في رياض الصالحين، باب النصر.
لمن أراد مغفرة جميع ذنوبه فى دقيقتين(لاتبخل على نفسك)
http://www.htoof.com/2mintes.html