منذ الأزل .. كان أمر الخلق مكتوبا في اللوح المحفوظ ، كان لكل ابن من أبناء آدم غاية من خلقه وما خلقهم الله لإرادة لهوٍ أو لمشيئة لعب.
كانت إرادته سبحانه ؛ أن يغدق علينا من كرمه ، ويزيدنا من خيره ، ويرزقنا من فضله ومنه . ولما كانت الدنيا لا تليق بالكرم ولا تفي بالفضل ؛ أوعدنا الجنة ، إلا أنه اشترط سبحانه .. فقال" ولكن كونو ربانيين "
ولما كان الجزاء عظيما كالجنة كان من الواجب تمحيص البشر وتصنيفهم حتى لا يتساوى العامل بغير العامل والصالح بالطالح فكان أمر إعمار الأرض .
كان هو الأقدر على تمحيص نفوس بني الإنسان .. أيهم يحيا لنفسه .. وأيهم يحيا لنفع غيره .. أيهم يحيا لله ؟
وتعاقبت ليال وأخذت في ذيلها أيام ومرت السنون بحلوها ومرها حتى جاء يوم قال لك الله فيك كن .. فكنت ..
جرى أمر تكوينك صغيرا ضعيفا وخرجت إلى الدنيا تصرخ ولسان حالك يقول: ها أنا ذا ؛ أفسحوا الطريق !!
لم تكن صدفة أن يكون خروجك للعالم في هذا الوقت بالذات ولو كان الأمر منذ مئة عام لكان هناك من هو أولى منك بالمجئ.
كان هناك غاية عُليا
غاية أسمى ..
لم يكن مجرد طلق .. وعملية مخاض ..
وأعمل الزمن آلته فتقدمت بنا السن ولربما نسينا أو تناسينا الغاية التي من أجلها كانت إرادة الخلق .
صار كل منا يصارع لإثبات ذاته .. هاهو يتعب .. يدرس .. يجني العمل والمال من بعده الزوجة والعيال ، وأنشأ حلمه يتحقق..
حياة كريمة منصب ووجاهة ، سيارة فخمة ومنزل واسع وولاد زي القمر ، ماذا يريد أكثر من ذلك ؟! لقد حقق كل شئ .
غيرأن عقله أنشأ يفكر: وماذا بعد ؟
هل كان أمر مجيئه لمال يجمعه لغيره ؟ أم منصب لا يلبث أن يفارقه ؟ أم أولاد يعمل فيهم الزمن كما عمل فيه فينسوه .
إذا لم كان التعب والمشقة والجهد والتنافس ؟
لم ؟!!!
لم ؟!!!
صار يترنم بطلاسم أبي ماضي .... لا أدري
الكل يشهد نجاحه ..
مجده ..
وقوته
غير أنه كان يعلم أنها أيام ومايلبث أن ينسى الناس كل شئ .. ولن يذكره أي شئ
لم تكن هناك قيمة عليا أرسالة أسمى لسيرة نجاحه .. كان الدافع الأول والأخير لكل نجاحته وإخفاقاته : " أنا "
ولما كان لكل ابن من أبناء آدم " أنا " يحيا لأجلها ويموت في سبيلها كان لزاما عليهم أن ينسوه
ليته عمل لإجل بني الإنسان كما عمل لنفسه ..
ليته حقق حلمه وقلبه يخفق باسم الله .. ولأجل الله ..
الآن يفهم معنى العباده .. معنى إعمار الأرض ..
على فراش الموت ؛ يتذكر !!
كان يتعب .. يدرس يجني العمل والمال من بعده الزوجة والعيال
وأن حلمه كان يتحقق
غير أنه الآن .. صار يذكر
" ولكن كونو ربانيين "