كشفت أحدث تسريبات موقع ويكيليكس أن السفارة الأميركية في دمشق رجحت أن تكون إسرائيل وراء اغتيال العميد محمد سليمان مستشار الرئيس بشار الأسد عام 2008 وأن أجهزة الأمن بدمشق بدأتتنظر إلى ميناء طرطوس بوصفه موقعا محتملا للاختراقات الأمنية الإسرائيلية المقبلة.
وألمحت صحيفة غارديان -التي نشرت ثلاث برقيات عن سليمان- إلى دوره في إنشاء موقع الكبر الذي يشتبه في أنه كان نواة البرنامج النووي السوري، مشيرة إلى أن اغتياله أتى قبل 11 شهرا من إغارة طائرات حربية إسرائيلية على الموقع.
وأرسلت إحدى البرقيات من السفارة في دمشق إلى واشنطن بعد يومين من اغتيال سليمان بواسطة قناص بمدينة طرطوس, وفي ذات اليوم الذي نشرت فيه صحيفة هآرتس الإسرائيلية نبأ الاغتيال.
وتقول البرقية المؤرخة في 3 أغسطس/آب 2008 إن سليمان كان أحد مساعدي الأسد البارزين البعيدين عن الأنظار، وإن استخدام قناص في العملية يشير إلى أن منفذها استطاع تمييزه عن بعد.
الموالون للسعودية
ورجحت التقديرات الواردة في البرقية أن تلقي دمشق باللائمة على "مسلحين إسلاميين موالين للسعودية في كل من مدينة طرابلس اللبنانية ومخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين".
ومضت البرقية إلى القول "قد يذهب البعض إلى حد الاعتقاد بأن العمل نجم عن صراع داخلي لمنع سليمان من تدمير النظام".
وفي تخمينها لردة فعل دمشق أشارت البرقية إلى أن سوريا "قد تسعى للانتقام من إسرائيل عبر أعوانها وحلفائها في لبنان أي مكان آخر. وفي حال اتجهت الشكوك نحو جماعات إرهابية فإن ذلك سيمهد لحملات داخلية أو ضربات داخل الجماعات المشتبه بها".
وعن احتمال إلقاء اللائمة على الولايات المتحدة تشير البرقية في موضع آخر إلى أنه "حتى الآن, لا تظهر المعلومات أي مؤشر على أن الحكومة السورية بصدد اتهام الولايات المتحدة بالاغتيال, أو اتخاذها تدابير ثأرية".
وفي برقية ثانية مؤرخة في 14 أغسطس/آب عام 2008 تم تناول عدة قضايا بينها زيارة الرئيس اللبناني ميشال سليمان إلى دمشق وموضوع اغتيال العميد سليمان بعد نحو أسبوعين من وقوعه.
مداولات متضاربة
وتنقل البرقية عن مصدر حذفه ويكيليكس قوله إن اغتيال سليمان ما زال موضع مداولات مستمرة ومتضاربة داخل الحكومة السورية.
ويضيف المصدر ذاته أن الجدال اشتعل خلال اجتماع عقده المجلس المسؤول عن رسم السياسات في 12 أغسطس/آب، عندما وجه أحد القادة الأمنيين سؤالا مباشرا عن جدوى استمرار الحكومة في المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل فيما تواصل الأخيرة "اختراقاتها" في لبنان.
وتشير البرقية إلى أن شرارة الجدل اشتعلت عندما قدم وزير الخارجية وليد المعلم عرضا بشأن المعطيات المحتملة التي يمكنها تقوية الرئيس ميشال سليمان وبينها إطلاق السجناء السياسيين اللبنانيين. واعتبر قادة أجهزة الأمن أن سوريا تقدم التنازلات ولا تحصل بالمقابل على أي مكاسب من التفاهم مع لبنان أو المفاوضات غير المباشرة مع إسرائيل.
تجاهل محبط
وتمضي البرقية قائلة "مع الأخذ بعين الاعتبار هذه المداولات المتوترة، يأتي إحباط داخل أجهزة الأمن جراء تجاهل الحكومة لعملية اغتيال سليمان حسب ما لاحظ المصدر".
وتضيف البرقية أن "قادة أجهزة الأمن يرون بأنه إذا كانت إسرائيل وراء الاغتيال فلماذا يتواصل التفاوض معها؟ أما إذا كان عملا داخليا فعلى الناس أن تقلق على مستقبلها".
وكان القائم بالأعمال الأميركي مايكل كوربن قد ألقى في 15 مارس/آذار 2007 الضوء على شخصية سليمان ودوره، في سياق برقية تتحدث عن استعدادات وزارة الخزانة الأميركية لإدراج شخصيات سورية مقربة من الأسد في لوائحها السوداء.
وقالت البرقية إن سليمان عين مستشارا للأسد لشؤون مشتريات الأسلحة والأسلحة الإستراتيجية، وإن أنشطته غير معروفة على نطاق واسع مما يصعب الحصول على معلومات سرية تتعلق به.
وتتحدث البرقية ذاتها عن شخصية أدرجت في القائمة الأميركية مثل رامي مخلوف ابن خال الرئيس بشار الأسد، وأخرى لم تدرج كمدير المخابرات العامة علي المملوك واللواء محمد ناصيف خير بك مستشار نائب الرئيس للشؤون الأمنية وللملف الإيراني.